البلاد المختلفة نفوذهم وصنائعهم وبعض الجمهور، فاستطاعوا أن يعملوا ضد علي (عليه السلام) ويشنوا عليه حملة مضادة، ويستعيدوا الخلافة التي (صادرها) الصحابة منهم وأعطوها إلى بني هاشم، ويعيدوا الاعتبار للخليفة الأموي (المظلوم) عثمان!
نعم هذا صحيح، ولكن عمق القضية قانون التناسب بين الأمة وقيادتها، ومنطقه: أن الأمة أفاقت على غير عادتها وصعدت نقمتها على عثمان وبني أمية، كما أفاقت على وصية نبيها (صلى الله عليه وآله) بكتاب الله وعترته (عليهم السلام) فانتزعت الخلافة من عثمان وقدمتها على طبق الولاء لعلي (عليه السلام). لكنها لما رأت أن مشروع علي (عليه السلام) لإعادة العهد النبوي كلفها حرب الجمل، ثم حرب صفين المهولة، أعادت حسابها في صفين.. فرأت أن الأسهل عليها آنيا أن تصرف النظر عن الحكم النبوي الباهظ التكاليف، وترضى بحكم قبلي أموي علماني، وليكن ما يكون في المستقبل، مما يحذرها منه علي (عليه السلام) وحذرها منه النبي (صلى الله عليه وآله)!
إن هذا القرار في لا وعي الأمة يعني انتهاء فترة الوعي واليقظة التي أطاحت بعثمان وجاءت بعلي (عليه السلام) ويعني أن الأمة عادت إلى التفكير الآني دون المستقبلي والى التفكير بالمعادلة المادية، والإعراض عن التفكير بمعادلة إسلامية!
وهذا يدل على أن استحقاقها لعلي (عليه السلام) انتهت مدته! فيجب أن يرفع من بينها، ويبقى مشروعه محفوظا مخزونا في ذاكرتها ليوم ما!
ومعناه أن دور الإمام الحسن بعد أبيه (عليهما السلام)، ليس في واقعه إلا دور تسلم وتسليم لما قررته الأمة في صفين! واقتضاه قانون التناسب الرباني بين المستوى الإيماني في الأمة ونوعية قيادتها. كما يمكن وصف دور الإمام الحسن (عليه السلام) بأنه دور العمل لحفظ المخزون النبوي الذي حققه والده (عليهما السلام)، وفتح به باب العودة للأمة عندما تكظها من جديد أنياب بني أمية!