معاوية إليه رسلا، وكتب إليه بمثل ما كتب إلى صاحبه، وبعث إليه بخمسمائة ألف درهم ومناه أي ولاية أحب من كور الشام أو الجزيرة، فقلب على الحسن (عليه السلام) وأخذ طريقة إلى معاوية ولم يحفظ ما أخذ عليه من العهود...! ثم كتب معاوية إلى الحسن (عليه السلام): يا ابن عم، لا تقطع الرحم الذي بيني وبينك فإن الناس قد غدروا بك وبأبيك من قبلك. فقالوا: إن خانك الرجلان وغدرا فإنا مناصحون لك! ثم إن الحسن (عليه السلام) أخذ طريق النخيلة فعسكر عشرة أيام، فلم يحضره إلا أربعة آلاف...). انتهى.
(فأما معاوية فإنه وافى (أي مقدمة جيشه بقيادة بسر بن أرطاة) حتى نزل قرية يقال لها الحلوبية بمسكن، وأقبل عبيد الله بن عباس حتى نزل بإزائه، فلما كان من غد وجه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيد الله فيمن معه، فضربهم حتى ردهم إلى معسكرهم، فلما كان الليل أرسل معاوية إلى عبيد الله بن عباس أن الحسن قد راسلني في الصلح وهو مسلم الأمر إلي، فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا وإلا دخلت وأنت تابع، ولك إن أجبتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم أعجل لك في هذا الوقت نصفها، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر، فانسل عبيد الله إليه ليلا فدخل عسكر معاوية، فوفى له بما وعده!
وأصبح الناس ينتظرون عبيد الله أن يخرج فيصلى بهم، فلم يخرج حتى أصبحوا فطلبوه فلم يجدوه! فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة، ثم خطبهم فثبتهم وذكر عبيد الله فنال منه، ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو فأجابوه بالطاعة وقالوا له: إنهض بنا إلى عدونا على اسم الله فنزل فنهض بهم.
وخرج إليه بسر بن أرطاة فصاح إلى أهل العراق: ويحكم! هذا أميركم عندنا قد بايع وإمامكم الحسن قد صالح فعلام تقتلون أنفسكم!