أقول: تلاحظ أن منطق معاوية قبلي مادي محض، وكأنه لا يوجد دين ولا رسول ولا إسلام! وحجته في تعيين يزيد خليفة، أن البديل له إنما هم أولاد الصحابة، والصحابة مثله أخذوا الخلافة وأولادهم يريدونها، ويزيد أحب اليه منهم! فالمسألة عنده شخصية قبلية ولا حساب عنده لدين، ولا لنص قرآني أو نبوي، ولا لمصلحة الأمة الإسلامية!
ونصحه الأحنف بن قيس:
في تهذيب الرياسة للقلعي / 366: (وقيل إنه استشار الأحنف بن قيس فقال: أدخل على يزيد فأدخله عليه، فلما خرج قال له معاوية: كيف رأيت يزيد؟ فقال: رأيت شبابا وجلدا ونشاطا. ثم قال: نخافكم إن صدقنا ونخاف الله إن كذبنا، وأنت أعلم يا أمير المؤمنين بليله ونهاره ومدخله ومخرجه وسره وجهاره، وإيراده وإصداره! فإن كنت تعلم أن فيه لله رضى، ولهذه الأمة صلاحا فلا تشاور الناس، وإن كنت تعلم منه غير ذلك فلا تزوده الدنيا وأنت عائد إلى الآخرة. وإنما علينا السمع والطاعة. فقال معاوية: جزاك الله عن الطاعة خيرا).
أقول: الأحنف من عقلاء زعماء العرب، ويظهر من كلامه تحفظه الشديد على بيعة يزيد، وخوفه من سطوة معاوية، فهو يتكلم بأقصى ما يمكنه مع تجنب إرهاب معاوية وسطوته!
ونصحه زياد بن أبيه:
وفي تاريخ الطبري: 4 / 224: (لما أراد معاوية أن يبايع ليزيد، كتب إلى زياد يستشيره، فبعث زياد إلى عبيد بن كعب النميري فقال: إن لكل مستشير ثقة، ولكل سر مستودع.... وقد دعوتك لأمر اتهمت عليه بطون الصحف. إن أمير المؤمنين كتب إلي يزعم أنه قد عزم على بيعة يزيد، وهو يتخوف نفرة الناس