وأصحابه وهو يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة. أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن مع رسول الله؟! والله، لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف. وكادت الفتنة تقع وعائشة تقول: والله، لا يدخل داري من أكره.
فقال لها الحسين: هذه دار رسول الله، وأنت حشية من تسع حشيات خلفهن رسول الله، وإنما نصيبك من الدار موضع قدميك.
فأراد بنو هاشم الكلام وحملوا السلاح فقال الحسين: الله الله، لا تفعلوا فتضيعوا وصية أخي! وقال لعائشة: لولا أنه أوصى إلي ألا أهريق فيه محجمة دم لدفنته هاهنا، ولو رغم لذلك أنفك! وعدل به إلى البقيع فدفنه فيه مع الغرباء.
وقال عبد الله بن عباس: يا حميراء كم لنا منك؟! فيوم على جمل، ويوم على بغل؟! فقالت: إن شاء أن يكون يوم على جمل ويوم على بغل، والله ما يدخل الحسن داري)! انتهى.
* * أقول: هذه النصوص تدل بوضوح على أن الإمام الحسين (عليه السلام) لم يقصد أساسا أن يدفن أخاه الإمام الحسن (عليه السلام) عند جده (صلى الله عليه وآله) بل كان حريصا على تنفيذ وصيته بدقة، وهي أن يجدد به عهدا بجده (صلى الله عليه وآله) ولا يهرق بسبب دفنه محجمة دم! وإنما أراد أن يزور بجنازته قبر النبي (صلى الله عليه وآله) قبل دفنه حسب وصيته، لكن مروان لفجوره ادعى أن الحسين (عليه السلام) يريد ذلك، فأقفل باب الحجرة النبوية الشريفة ومنعهم من زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) واستنفر! ويبدو أن سبب تأخر الجنازة في المسجد النبوي أن الإمام الحسين (عليه السلام) وبني هاشم أصروا على زيارة جنازة الإمام الحسن لقبر جده (صلى الله عليه وآله) وأن استنفارهم ودعوتهم بحلف الفضول، كانت من أجل فتح باب الحجرة النبوية. لكن رواة الخلافة كذبوا فقالوا إن بني هاشم أجمعوا على دفنه عند النبي (صلى الله عليه وآله)! وإن الإمام الحسين (عليه السلام) أمرهم بحفر قبر فاستنفر مروان!