أرسله بالحق، وائتمنه على الوحي، (صلى الله عليه وآله). أما بعد، فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنته وأنا أنصح خلقه لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة، ولا مريدا له بسوء ولا غائلة. ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم فلا تخالفوا أمري، ولا تردوا علي رأيي. غفر الله لي ولكم، وأرشدني وإياكم لما فيه محبته ورضاه، إن شاء الله! ثم نزل.
قال فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا: ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا: نظنه يريد أن يصالح معاوية ويكل الأمر إليه، كفر والله الرجل! ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي فنزع مطرفه عن عاتقه! فبقي جالسا متقلدا سيفا بغير رداء! فدعا بفرسه فركبه، وأحدق به طوائف من خاصته وشيعته ومنعوا منه من أراده، ولاموه وضعفوه لما تكلم به فقال: ادعوا إلي ربيعة وهمدان فدعوا له، فأطافوا به ودفعوا الناس عنه، ومعهم شوب من غيرهم فلما مر في مظلم ساباط قام إليه رجل من بني أسد، ثم من بني نصر بن قعين يقال له جراح بن سنان وبيده مغول (سيف دقيق يستعمل للإغتيال) فأخذ بلجام فرسه وقال: الله أكبر يا حسن! أشرك أبوك ثم أشركت أنت! وطعنه بالمغول فوقعت في فخذه فشقته حتى بلغت أربيته! وسقط الحسن (عليه السلام) إلى الأرض بعد أن ضرب الذي طعنه بسيف كان بيده واعتنقه فخرا جميعا إلى الأرض، فوثب عبد الله بن الأخطل الطائي ونزع المغول من يد جراح بن سنان فخضخضه به وأكب ظبيان بن عمارة عليه فقطع أنفه، ثم أخذا له الآجر فشدخا رأسه ووجهه حتى قتلوه. وحمل الحسن (عليه السلام) على سرير إلى المدائن وبها سعيد بن مسعود الثقفي واليا عليها من قبله وقد كان علي (عليه السلام) ولاه