توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم والتي توفي فيها يوشع بن نون، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله. ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه. ثم قال:
أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول: ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور، فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت.
فلما انتهى إلى هذا الموضع من الخطبة قام عبد الله بن العباس بين يديه، فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا وقالوا: ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة! فبايعوه، ثم نزل من المنبر). (وشرح النهج: 16 / 30، ونهج السعادة: 8 / 507) أقول: عقيدتنا نحن الشيعة أن إمامة أئمة العترة النبوية (عليهم السلام) إنما هي بالنص لا بالبيعة، فالبيعة اعتراف بحق فرضه الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وليست إنشاء لهذا الحق، وتجب البيعة إذا طلبها النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام المعصوم (عليه السلام).
وهذه المقطوعة المتقدمة فقرة من أول خطبة خطبها الإمام الحسن بعد شهادة أمير المؤمنين (عليهما السلام)، وقد نص المحدثون والمؤرخون كما رأيت في اليعقوبي على أنها كانت طويلة، لكن الرواة لم ينقلوا منها إلا قليلا، كعادتهم في أكثر الخطب والأحاديث الصريحة التي تبين مقام أهل البيت (عليهم السلام) وظلامتهم! حيث كانوا وما زالوا يخافون غضب بني أمية وأتباعهم إن رووها!
(قال عمر بن ثابت: كنت أختلف إلى أبي إسحاق السبيعي أسأله عن الخطبة التي خطب بها الحسن بن علي عقيب وفاة أبيه ولا يحدثني بها، فدخلت إليه في