وهاهم شيعتكم يا بني هاشم يدعون لجدكم ولكم علم الغيب! فهل عندك من هذا العلم شئ؟! فأخبره الإمام (عليه السلام) بأن عنده من علم جده، مما علمه الله تعالى، ثم أخبره بعدد حبات الرطب على النخلة، وبما سيكون منه، وأتم عليه الحجة! لكن أنى لمعاوية المسكين أن ينتفع ببرهان وهو لا يرى إلا ماديات الدنيا، وإن رأى غيرها فهي ومضة نور تمر عليه عابرة: كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون). (البقرة: 17). فلو كان يرى غير الماديات لما أجاب أنصار رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجواب المادي التالي عندما سمع شكواهم من سياسة الإفقار التي اتبعها معهم! (قدم معاوية بن أبي سفيان حاجا في خلافته فاستقبله أهل المدينة، فنظر فإذا الذين استقبلوه ما فيهم أحد من الأنصار، فلما نزل قال: ما فعلت الأنصار وما بالها لم تستقبلني؟ فقيل له: إنهم محتاجون ليس لهم دواب (خيول). فقال معاوية: فأين نواضحهم؟ (جمالهم التي تسقي زرعهم، وهو إهانة يستعملها أهل مكة للأنصار) فقال قيس بن سعد بن عبادة وكان سيد الأنصار وابن سيدها: أفنوها يوم بدر وأحد وما بعدهما من مشاهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين ضربوك وأباك على الإسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون! فسكت معاوية! فقال قيس: أما إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهد إلينا أنا سنلقي بعده إثرة (أي استئثارا عليكم وظلما) فقال معاوية: فما أمركم به؟ فقال: أمرنا أن نصبر حتى نلقاه. قال: فاصبروا حتى تلقوه)! (الإحتجاج: 2 / 15). هكذا! بكل وقاحة: إصبروا على حكمي حتى تلقوا نبيكم في الآخرة وتشتكوا له علي! فالمهم أن لا تثوروا علي ولا تمسوا دنياي! فكيف لمثل هذا الشخص أن يرى أعلى من ماديات الدنيا؟!
* *