ويل لك يا معاوية وللثلاثة قبلك الذين أجلسوك هذا المجلس وسنوا لك هذه السنة!!). (كتاب سليم / 368، والاحتجاج: 2 / 6، والدر النظيم / 499، والعدد القوية / 49).
أقول: تكفي أقوال معاوية وأفعاله وسياساته دليلا على أنه كان ينظر إلى نفسه كمؤسس لأمبراطورية أموية، وأن الحق له ولأبيه، وأن بني هاشم كانوا غصبوه!
وهو في هذه الخطبة يعلن تمرده على قيم الإسلام وأحكامه، وتمرده على التعامل الإنساني السليم مع الإمام الحسن (عليه السلام) وأهل العراق، الذين يمثلون بامتدادهم وفتوحاتهم ثقل الأمة الإسلامية! فانظر كيف يصف أولياؤه وأتباعه خطبته بأنها (خطبة بليغة) ويعتبروها بداية مرحلة جيدة من تاريخ الإسلام والأمة الإسلامية؟! قال ابن كثير في النهاية: 8 / 23: (ودخل معاوية إلى الكوفة فخطب الناس بها خطبة بليغة بعد ما بايعه الناس واستوثقت له الممالك شرقا وغربا وبعدا وقربا، وسمي هذا العام عام الجماعة لاجتماع الكلمة فيه على أمير واحد بعد الفرقة، فولى معاوية قضاء الشام لفضالة بن عبيد، ثم بعده لأبي إدريس الخولاني، وكان على شرطته قيس بن حمزة، وكان كاتبه وصاحب أمره سرجون بن منصور الرومي). انتهى. فالمهم عند ابن كثير وهو عالم إمام لأتباع الخلافة، هو (الغلبة) فيجب التغاضي عن الحاكم ولو كان برنامجه التمرد على قيم الإسلام وأحكامه، وكان كاتبه وصاحب أمره وسره روميا نصرانيا!
لكن ابن كثير يمثل حزبه الأموي فقط! أما المسلمون العاديون من أتباع المذاهب فيمثلهم ابن سعد صاحب الطبقات، الذي وصف خطبة معاوية في مسجد الكوفة بقوله: (فغضب معاوية فخطب بعده خطبة عيية فاحشة ثم نزل)!
(سير أعلام النبلاء: 652، ونحوه أسد الغابة: 2 / 14، وتاريخ دمشق: 13 / 276).
ولماذا لا تكون فاحشة قد قرأت فيها غروره وتهديده بالموت من لم يبايعه!