لا يمكن قبول ما روي من أن خطبته (عليه السلام) كانت بناء على طلب عمرو بن العاص وإصراره على معاوية، وأن غرض عمرو أن يخجل الإمام الحسن (عليه السلام) لأنه لا يجيد التصرف في مثل ذلك الموقف أو لا يجيد الخطابة، وأن معاوية لم يكن راغبا في أن يخطب الإمام (عليه السلام) ولكنه وافق، ثم ندم ولام ابن العاص.. الخ.
فهذا أمر غير معقول، ولذا نقله في الإحتجاج: 1 / 420، بصيغة (روي)، بل الصحيح ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: 8 / 634 من أن الإمام الحسن (عليه السلام) أراد ترك الكوفة لمعاوية بدون أن يخطب فاعتبر معاوية ذلك خطيرا، لأن ترك الخطبة بمثابة ترك الإمضاء العملي للصلح قال: (عن الشعبي قال: لما كان الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية أراد الحسن الخروج إلى المدينة فقال له معاوية: ما أنت بالذي تذهب حتى تخطب الناس، قال قال الشعبي: فسمعته على المنبر حمد الله وأثنى عليه ثم قال: فإن أكيس الكيس التقى، وإن أعجز العجز الفجور وإن هذا الأمر الذي اختلفت أنا فيه ومعاوية حتى كان لي فتركته لمعاوية، أو حق كان لا يرى أحق به مني، وإنما فعلت هذا لحقن دمائكم، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، ثم نزل). وما رواه الذهبي في تاريخ الإسلام: 4 / 39، وابن عساكر في تاريخ دمشق: 46 / 59، والوافي بالوفيات: 12 / 69: (لما بايع الحسن معاوية قال له عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي: لو أمرت الحسن فصعد المنبر فتكلم فإنه عيي عن المنطق فيزهد فيه الناس! فقال معاوية: لا تفعلوا فوالله لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمص لسانه وشفته ولن يعيا لسان مصه النبي له شفة، قال فأبوا على معاوية فصعد معاوية المنبر ثم أمر الحسن فصعد، وأمره أن يخبر الناس إني قد بايعت معاوية فصعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا، وإني قد أخذت لكم على معاوية أن يعدل فيكم، وأن يوفر