ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا! وقد تركت بنو إسرائيل وأصحاب موسى هارون أخاه وخليفته ووزيره وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم، ويعلمون أنه خليفة موسى (عليه السلام)! وقد سمعت هذه الأمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك لأبي (عليه السلام): إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه ونادى له بالولاية ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب! وقد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذرا من قومه إلى الغار، لما أجمعوا أن يمكروا به وهو يدعوهم لما لم يجد عليهم أعوانا، ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم. وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، وقد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة! وقد خذلتني الأمة وبايعتك يا ابن حرب! ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، وقد جعل الله عز وجل هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه، كذلك أنا وأبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة وبايعت غيرنا، ولم نجد عليهم أعوانا! وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا.
أيها الناس: إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبوه وصي رسول الله، لم تجدوا غيري وغير أخي، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان، وكيف بكم وأنى ذلك لكم؟ ألا وإني قد بايعت هذا، وأشار بيده إلى معاوية، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.
أيها الناس: إنه لا يعاب أحد بترك حقه، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكل صواب نافع، وكل خطأ ضار لأهله...
أيها الناس: إسمعوا وعوا واتقوا الله وراجعوا، وهيهات منكم الرجعة إلى