الأول: ان يكون ما يحتمل دخل التقييد به في المأمور به موجودا مستقلا منحاذا عنه كالطهارة للصلاة، الثاني: ان لا يكون له وجود منحاذ، ولا يكون من مقوماته، بل يكون نسبته إليه نسبة الصفة إلى الموصوف كالايمان بالنسبة إلى الرقبة، الثالث: ان يكون مقوما له ويكون نسبته إليه نسبة الفصل إلى الجنس، كما إذا دار الامر بين وجوب اطعام الحيوان، أو خصوص الانسان، والشيخ الأعظم عبر عن الجميع بالمركبات التحليلية، والمحقق الخراساني في التعليقة، عبر عن القسم الأول والثاني بالاجزاء الذهنية، وعن الثالث بالجزء التحليلي، وفى الكفاية تبع الشيخ، والمحقق النائيني خص المركب التحليلي بالقسم الثالث، ولا يهمنا البحث في ذلك، انما المهم هو البحث في جريان البراءة وعدمها.
اما البراءة العقلية ففي الكفاية بعد اختياره عدم جريانها في شئ من الأقسام، قال بداهة ان الاجزاء التحليلية لا تكاد تتصف باللزوم من باب المقدمة عقلا، فالصلاة مثلا في ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصة موجودة بعين وجودها، وفى ضمن صلاة أخرى فاقدة لشرطها وخصوصيتها تكون مباينة للمأمور بها انتهى.
ويرد عليه ما عرفت من أن جريان البراءة لا يتوقف على الانحلال، بل يتوقف على العلم بتعلق التكليف بالطبيعي والشك في تعلقه بالخصوصية الزايدة، وعدم معارضة الأصل الجاري في المقيد، والمشروط، والخاص بالأصل الجاري في المطلق، والمقام كذلك، فان تعلق التكليف في هذه الأقسام بالطبيعي معلوم، وأمره مردد بين تعلقه بالمطلق أو المقيد، وحيث إن التقييد كلفة زايدة، فيرتفع بالأصل، ولا يجرى الأصل في الاطلاق، لأنه يقتضى التوسعة لا التضييق، وليس فيه كلفة زايدة حتى ترتفع بالأصل.
وان شئت قلت إن عدم الاتيان بالطبيعي الجامع موجب لاستحقاق العقاب قطعا لأنه يوجب ترك الواجب على كل تقدير، واما لو اتى به من دون القيد فالعقاب عليه لا يكون عقابا مع البيان فيكون قبيحا، - وبعبارة أخرى - ترك الواجب على فرض لزوم المقيد مستند إلى عدم البيان لا إلى تقصير العبد كي يستحق العقاب.
مع أن الكلى الطبيعي موجود في الخارج، ونسبته إلى الافراد نسبة الأب الواحد