إلى الأبناء لا نسبة الاباء إلى الأبناء، وعليه فهو يتصف في الخارج بوصف الكثرة، لا بوصف التباين إذ الطبيعي من حيث هو لا واحد ولا متعدد، وانما يكون مع الواحد واحدا ومع المتعدد متعددا، مثلا الانسان الموجود في الخارج في ضمن زيد ليس مغايرا ومبائنا لما هو الموجود في ضمن بكر، بل الطبيعي متكثر في ضمنها لا متباين، وعليه فيصح ان يقال ان تعلق التكليف بالطبيعي معلوم، وبالخصوصية مشكوك فيه فيجرى فيه البراءة.
أضف إلى ذلك كله ان متعلق التكاليف انما هو الماهيات والعناوين دون المصاديق الخارجية كما مر تحقيقه، والبرائة انما تجرى في متعلق التكليف لا فيما يحصل به الامتثال فلا يكون مجرى البراءة من قبيل المتباينين بل من قبيل الأقل والأكثر، فالمتحصل مما ذكرناه انه لا مانع من جريان البراءة العقلية في شئ من الأقسام الثلاثة.
واما البراءة الشرعية فلم يستشكل أحد في جريانها في القسمين الأولين، وقد استشكل المحققان الخراساني والنائيني (ره) في جريانها في القسم الثالث وذهبا إلى أنه لا تجرى البراءة الشرعية فيه.
وقد استدل المحقق الخراساني (ره) له: بان خصوصية الخاص ليست كخصوصية الاقتران بالطهارة مثلا جعلية، كي يمكن رفعها بأدلة البراءة وانما تكون منتزعة عن نفس الخاص فيكون الدوران بينه وغيره من قبيل الدوران بين المتباينين.
وفيه: ان المأمور به يمكن ان يكون هو الطبيعي بلا دخل للخصوصية فيه، ويمكن ان يكون الخاص، والخصوصية وان كانت منتزعة عن نفس الخاص غير قابلة للرفع والوضع، الا انها بالاعتبار المذكور يكون اعتبارها في المأمور به قابلا لهما، وعليه فمقتضى حديث الرفع عدم دخلها فيه فيكتفى باتيان الطبيعي.
- وبعبارة أخرى - ان الشرطية في المقام وان لم تكن منتزعة عن الامر بالخصوصية كما يتوهم ذلك في الشرط الذي يكون له وجود مغاير كالوضوء بالنسبة إلى الصلاة، وأيضا لا تكون منتزعة من الوجود المختص به: فان الخصوصية والمشروط موجودان بوجود واحد، الا انه في مقام تعلق الامر قبل الوجود يكون المتعلق، وهو المفهوم