عدلا له حتى يكون ما علم تعلق التكليف به أحد فردي الواجب التخييري، أو انه ليس عدله بل يتعين هو لا يقوم شئ آخر مقامه ولا يسقطه كما لو علم بوجوب العتق، وشك في أنه واجب تعييني أو مخيرا بينه وبين الصوم، فقد ذهب جماعة منهم المحقق صاحب الكفاية، والمحقق النائيني، إلى أن الأصل فيها هو التعيين، وعليه يبتنى الحكم في مسألتنا التي هي محل الكلام في كونها مجرى لقاعدة الاشتغال، أو البراءة.
اما المحقق الخراساني، فقد استدل له بوجهين أحدهما: ما في الكفاية، وهو مختص بما إذا كان المحتمل دخل خصوصية ذاتية في الواجب وهو ان خصوصية الخاص منتزعة من نفس الخاص ولا يمكن معه الرجوع إلى البراءة وقد مر الجواب عنه.
ثانيهما: ما ذكره في حاشيته على البراءة وهو التمسك باستصحاب عدم وجوب ما يحتمل كونه عدلا، واستصحاب بقاء التكليف بعد الاتيان به.
ويرد على الاستصحاب الأول انه لا يثبت به التعيين، الا على القول بالأصل المثبت مع أنه معارض باستصحاب عدم جعل الوجوب التعييني لما يحتمل تعيينيته.
ويرد على الثاني ان الشك في بقاء الوجوب بعد الاتيان بما يحتمل كونه عدلا مسبب عن احتمال كون الواجب تعيينا، فإذا جرى الأصل فيه، وارتفع هذا الاحتمال، وحكم بكون الواجب تخييريا، لا يبقى موضوع لهذا الاستصحاب.
واما المحقق النائيني، فقد استدل له بان صفة التعيينية، ليست من الأمور الوجودية المجعولة ولو بالتبع، كي يرفعها حديث الرفع، بل هي عبارة عن عدم جعل العدل والبدل، - وبعبارة أخرى - في مقام الثبوت التعيينية عبارة عن تعلق الإرادة المولوية بشئ، وليس لها فصل وجودي، بل حدها عدم تعلق الإرادة بشئ آخر يكون عدلا لما تعلقت الإرادة به، فلا يجرى فيها البراءة، لأنه يعتبر في جريانها كون المرفوع أمرا وجوديا موجبا لالقاء المكلف في الضيق والكلفة، وبالجملة الشك في التعيينية والتخييرية يرجع إلى الشك في وجوب العدل وعدمه، وبديهي ان عدم جعل الوجوب لا يكون موردا للبرائة، وعليه فالمرجح عند الشك في التعيين والتخيير هو قاعدة الاشتغال لرجوع الشك فيهما إلى الشك في سقوط ما علم تعلق التكليف به، بفعل ما يحتمل كونه عدلا له.