واما من حيث الحكم التكليفي أي حرمة التصرف في الثمرة ووجوب الاجتناب عنها: فلان وجوب الاجتناب عن منافع المغصوب، مما يقتضيه وجوب الاجتناب عن المغصوب لان النهى عن التصرف في المغصوب نهى عنه وعن توابعه ومنافعه، فيكفي في وجوب الاجتناب عن المنافع المتجددة فعلية وجوب الاجتناب عن ذي المنفعة وتنجزه بالعلم التفصيلي أو الاجمالي، لا بمعنى فعلية وجوب الاجتناب عن الثمرة قبل وجودها فان ذلك بديهي البطلان لامتناع فعلية الحكم قبل وجود موضوعه، بل بمعنى ان ملاك حرمة التصرف في الثمرة انما يكون تاما من حين غصب العين الموجب لضمانها وضمان منافعها الموجودة وغير الموجودة، وان النهى عن التصرف في الشجرة المغصوبة بنفسه يقتضى النهى عن التصرف في الثمرة عند وجودها، فلا يحتاج حرمة التصرف في الثمرة إلى تعبد وتشريع آخر غير تشريع حرمة الأصل بمنافعه فحرمة التصرف في الثمرة من شؤون حرمة التصرف في الشجرة، فكما يكون العلم الاجمالي موجبا لتنجز الأحكام المترتبة على الأعيان من الشجرة وما شاكل، يوجب تنجز الأحكام المترتبة على ما يعد من شؤونها التابعة لها خطابا وملاكا، ومجرد تأخر وجود الشئ عن ظرف وجود العلم بعد تمامية ملاك حكمه لا يكون مانعا عن تنجيزه كما مر تحقيقه في العلم الاجمالي في التدريجيات.
ولكن ما افاده لا يتم، لا من ناحية الحكم الوضعي، ولا من ناحية الحكم التكليفي.
اما من الناحية الأولى: فلان الحكم بضمان المنافع المتجددة بغصب العين يتوقف على أمرين، أحدهما: احراز وضع اليد على العين المغصوبة، فمع وضع اليد على أحدهما لا يكون ذلك محرزا، ثانيهما: احراز كون المنافع للعين المغصوبة، ومع الشك في ذلك كما في المقام يكون مقتضى أصالة البراءة عدم الضمان.
واما من الناحية الثانية فلان ما افاده من تمامية الملاك قبل وجود المنفعة، فمما لا نتعقله، فإنه مع عدم وجود الموضوع كيف يكون الملاك تاما، وبعد وجود المنفعة يكون الموضوع لحرمة التصرف مشكوك الوجود، فلا محالة يكون الملاك أيضا مشكوكا فيه.