جهة انه، تارة يكون غرض واحد مترتبا على الأقل على كل تقدير وبتبعه يكون موردا لتكليف خاص، وعلى فرض وجوب الأكثر فإنما هو من جهة كون الأكثر ذا مصلحتين، ويتبع ذلك يتعدد التكليف والمثوبة والعقوبة عند الموافقة والمخالفة، ويتحقق الإطاعة باتيان الأقل على كل تقدير، وان لم يكن في ضمن الأكثر، وهذا هو الأقل والأكثر الاستقلاليان، وتارة أخرى يكون الغرض المترتب على الأكثر على فرض وجوبه واحدا وبتبعه يكون التكليف أيضا واحدا، فامر المعلوم مردد بين كونه متعلقا بالأقل أو الأكثر، وهذا هو الأقل والأكثر الارتباطيان، ومحل الكلام هو الثاني، واما في الأول فلا اشكال في جريان البراءة عن الأكثر لانحلال العلم الاجمالي فيه حقيقة على جميع المسالك.
الثالث: ان محل الكلام ما إذا كان الأقل على فرض كونه متعلقا للتكليف مأخوذا بنحو اللابشرط القسمي بالنسبة إلى الزايد الذي يكون الأكثر واجدا له، فلا يضره الاتيان بالأكثر، وأما إذا كان مأخوذا بنحو بشرط لا عن الزايد حتى يضره الاتيان بالأكثر كما في دوران الامر بين القصر والتمام، فهو خارج عن محل الكلام، ويكون من قبيل دوران الامر بين المتباينين لكون الأقل المعلوم وجوبه مرددا بين ان يكون هو الأقل بشرط شئ أو بشرط لا - وبعبارة أخرى - محل الكلام في المقام انما هو فيما إذا كان الاتيان بالأكثر مما يقتضيه الاحتياط، ويوجب سقوط التكليف وامتثاله على كل تقدير، وإذا كان الأقل مأخوذا بشرط لا لا يمكن الاحتياط باتيان الأكثر، ولا يحرز به الامتثال لاحتمال كون الزايد مبطلا، ولذلك يكون مقتضى الاحتياط عند العلم الاجمالي بوجوب القصر أو التمام، هو الجمع بينهما، لا الاتيان بالتمام فقط.
إذا عرفت هذه الأمور فتحقيق المقام يقتضى البحث في موضعين.
الأول: في دوران الامر بين الأقل والأكثر في الاجزاء الخارجية كالشك في وجوب السورة في الصلاة.
الثاني: في دوران الامر بينهما في الاجزاء التحليلية كدوران الامر بين الاطلاق والتقييد أو دوران الامر بين الجنس والنوع كما لو علم بوجوب اطعام الحيوان أو خصوص الانسان.