لجانب الحرمة، ومثل له بأيام الاستظهار حيث إن الشارع الأقدس قدم جانب الحرمة وحكم بترك الصلاة - وتحريم استعمال الماء المشتبه بالنجس والامر بترك الوضوء.
وفيه: أولا مجرد تقديم الحرمة في هذين الموردين لا يوجب الغلبة والاستقراء، وثانيا: ان وجوب الصلاة والوضوء تعبد لا توصلي فهما خارجان عما هو محل البحث، وثالثا: ان الاستظهار ليس على الوجوب عند المشهور كما افاده الشيخ الأعظم ولو قيل بالوجوب فلعله يكون لاستصحاب بقاء الحيض وحرمة العبادة في ذات العادة، واما غير ذات العادة الوقتية التي تترك الصلاة بمجرد الرؤية فهو للاطلاقات وقاعدة الامكان، واما الانائان المشتبهان فليس من مصاديق الباب لان الوضوء بالنجس حرمته تشريعية لا ذاتية وانما منع من التطهير به مع الاشتباه للنص (1).
ومنها: ظاهر ما دل على وجوب التوقف عند الشبهة، المتقدم فان الظاهر من التوقف ترك الدخول في الشبهة.
وفيه: أولا: ان ظاهر تلك الأخبار، الاختصاص بالشبهة التحريمية المحضة، ويظهر ذلك من ملاحظة ما فيها من التعليل، وثانيا: ان تلك النصوص، اما ان تشمل مورد احتمال الوجوب، فلا بد من أن يكون المراد بالتوقف أعم من ما ذكر - واما ان لا تشمل فلا تشمل دوران الامر بين الوجوب والحرمة.
واما القول الرابع: وهو جريان أصالة الحل وعدم جريان البراءة العقلية - فقد استدل في الكفاية للأول: بشمول مثل كل شئ لك حلال حتى تعرف انه حرام له المتقدم ولا مانع عنه عقلا ولا نقلا، وذكر في وجه عدم المانع بان موافقة الأحكام التزاما لا تجب، ولو وجب لكان الالتزام اجمالا بما هو الواقع معه ممكنا، والالتزام التفصيلي بأحدهما لو لم يكن تشريعا محرما لما نهض على وجوبه دليل قطعا، ثم قال وقياسه بتعارض الخبرين الدال أحدهما على الحرمة والاخر على الوجوب باطل، وظاهر العبارة كما هو صريح الشيخ الأعظم ان القياس بالخبرين ونقده لتتميم البحث عن عدم وجوب الالتزام بأحد الحكمين، بنحو التخيير كي يمنع عن اجراء البراءة شرعا، لا لاثبات التخيير