اخبار عن لازم ترك الشبهة وارتكابها مستتبع لا محالة لحكم انشائي، وطلب من الشارع، وفى خبر جميل بن صالح عن الإمام الصادق (ع) عن ابائه عليهم السلام، قال رسول الله (ص) في كلام طويل الأمور ثلاثة امر بين لك رشده فاتبعه وامر بين لك غيه فاجتنبه وامر اختلف فيه فرده إلى الله عز وجل (1) ومرسل الصدوق قال إن أمير المؤمنين (ع) خطب الناس فقال في كلام ذكره حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له اترك (2) ونحوها غيرها.
والجواب عن ذلك على التقريب الثاني الجاري في جميع الاخبار مع اختلاف في الظهور: ان المراد بالحرام في قوله ارتكب المحرمات، ان كان هو الحرام المتحقق في ضمن المشتبه على تقدير المصادفة، فيكون المراد الوقوع على هذا التقدير لا مطلقا ومعلوم ان الوقوع في الحرام الواقعي ولو مع عدم البيان ومعذورية المكلف في المخالفة، لا يلازم العقاب والهلكة الأخروية، لتطابق الأدلة على عدم العقاب من دون بيان، فلا محالة يكون المراد من الهلكة أعم من المفسدة الدنيوية والأخروية، وحيث إن الفريقين، متفقان على عدم لزوم الاحتياط في جميع موارد ذلك، لان هذا الاحتمال موجود في الشبهة الموضوعية، والوجوبية ولا يجب فيهما الاحتياط، فلا بد وان يحمل على إرادة الرجحان والمطلوبية الملائمة مع عدم الوجوب، وان أصر على ظهور الهلكة في العقاب فلا محالة يقيد الشبهات بالشبهات قبل الفحص، والمقرونة بالعلم الاجمالي.
وان كان المراد بالحرام الحرام المحقق المعلوم، فلا بد وان يراد بالوقوع الاشراف وتقريب النفس إلى ارتكاب الحرام، كما هو الظاهر من مرسل الصدوق، وعليه فغاية ما يستفاد منه حينئذ، رجحان الترك ومطلوبية الاحتياط إذ لم يقل أحد بان اشراف النفس إلى الحرام من المحرمات الشرعية كيف، فان ذلك موجود في ارتكاب المكروه، إذا كثر كما صرح به في الاخبار، وفى الشبهات الموضوعية، فالنبوي على هذا في مقام بيان الصغرى، والكبرى المطلوبة المسلمة انما هو رجحان تبعيد النفس من الوقوع في الحرام