حرمة الاستناد لغو وتحصيل للحاصل، والمقام من هذا القبيل فان الشك فيه بنفسه موضوع لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، فاستصحاب عدم المنع الذي اثره المرغوب عدم العقاب لا يجرى.
وفيه: انه من جهة كون الأثر غير مختص بالشك بل مترتب عليه وعلى الواقع، فالاستصحاب يجرى وحيث انه أصل محرز، يوجب رفع موضوع قاعدة القبح، ويترتب حينئذ عليه عدم العقاب، وليس من قبيل تحصيل الحاصل، وهذا نظير استصحاب الطهارة، وقاعدتها، فان القاعدة بمجرد الشك تجرى، ومع ذلك لا تكون مانعة عن جريان استصحابها، والسر فيه ما ذكرنا.
الخامس: وهو الحق، وملخصه انه يعتبر في الاستصحاب، وحدة القضية المتيقنة، والمشكوك فيها، فيعتبر وحدة الموضوع، وفى المقام لا يجرى الاستصحاب لتبدل الموضوع فان الموضوع في القضية المتيقنة عنوان الصبي وقد تبدل، توضيح ذلك أنه لا شبهة في أن العناوين المأخوذة في موضوعات الأحكام بنظر العرف تنقسم إلى قسمين.
أحدهما: ما يكون مقوما لموضوع الحكم كالعدالة بالإضافة إلى جواز الاقتداء والاجتهاد بالنسبة إلى جواز التقليد. ثانيهما: ما لا يكون مقوما له بل يكون علة لعروض الحكم على المعنون كالتغير المأخوذ في موضوع نجاسة الماء، وفى القسم الأول بانعدام العنوان يرتفع الموضوع بنظر العرف، ويكون المشكوك ثبوت الحكم له غير ما يتقن ثبوته له، وهما متعددان بنظر العرف فلا يجرى الاستصحاب، والمقام من هذا القبيل، فان عنوان الصبي والمجنون ونحوهما في نظر العرف من العناوين المقومة للموضوع فلا يجرى الاستصحاب.
ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا كونهما من قبيل القسم الثاني، لكن انما يكون الاستصحاب جاريا في هذا القسم، إذا لم يحرز كون القيد علة للحدوث والبقاء، وشك في أنه هل يكفي حدوث القيد في ثبوت الحكم حدوثا وبقاءا أم لا؟ واما مع الاحراز فلا يجرى الأصل والمقام كذلك فان الذي يستفاد من الأدلة ان الصباوة والجنون من القيود التي يدور ارتفاع القلم مدارها حدوثا وبقاءا فلا يجرى الاستصحاب.