أساس الدين وأكثر احكامه على الاحتياط، للاجماع، والضرورة، فان الاحتياط وان كان حسنا في نفسه، الا انه لا يكون حسنا فيما إذا استلزم انحصار الامتثال في أكثر الأحكام على الامتثال الاجمالي، المنافى لقصد الوجه والجزم، فلا محالة تكون النتيجة هي الكشف: إذ بعد فرض بقاء الأحكام، وعدم جواز اهمالها وعدم حسن الاحتياط فيها لا محالة يكشف جعل الشارع الظن حجة إذ لا طريق غيره ومع عدم نصب الطريق تكون الأحكام تكاليف بما لا يطاق، وان كان المدرك هو استلزامه العسر والحرج واختلال النظام فلا طريق إلى كشف العقل جعل الشارع الظن حجة بعد حكمه بكفاية الاحتياط بالامتثال الظني.
واما الجهة الثالثة: فملخص القول فيها ان المقدمة الأولى، وهي العلم الاجمالي بثبوت تكاليف كثيرة فعلية في الشريعة، قطعية.
ولكن هذا العلم الاجمالي منحل إلى علم اجمالي آخر دائرته أضيق من دائرة هذا العلم الاجمالي، وهو العلم بثبوت التكاليف بمقدار المعلوم بالاجمال، فيها بين الاخبار، ولازم ذلك هو الاحتياط في خصوص الاخبار وقد تقدم تفصيل ذلك في الدليل العقلي الأول الذي أقيم على حجية الخبر الواحد.
واما المقدمة الثانية: فتماميتها بالنسبة إلى انسداد باب العلمي تتوقف على أحد أمور، اما عدم حجية الخبر الواحد، أو عدم حجية الظواهر اما مطلقا، أو لغير المقصودين بالافهام، أو عدم وفاء الاخبار بمعظم الفقه.
والكل فاسدة: لما تقدم من حجية الخبر: والظواهر مطلقا، والاخبار بحمد الله وافية بمعظم الفقه فهي غير تامة.
واما ما افاده المحقق القمي (ره) من تمامية مقدمات الانسداد حتى بناءا على حجية الخبر والظواهر بدعوى ان الظاهر من أدلة حجية الخبر حجية مطلق الظن وانه لا خصوصية لخبر الواحد.
فغير تام، إذ يرد عليه، أولا: ان هذا احتمال محض لا دليل على الاعتناء به. وثانيا:
انه لو كانت أدلة حجية الخبر بأنفسها، دليل حجية الظن لا دليل الانسداد.