ان مرادهم من ذلك ما أجاب به الشيخ الأعظم (ره)، وحاصله ان هذا الوجه يتم لو تعلق الغرض بالواقع وتنجز التكليف، ولم يمكن الاحتياط، وأما إذا لم يتنجز التكليف لا مانع من الرجوع إلى الأصول النافية للتكليف، وليس فيه ترجيح للمرجوح، وكذا لو تنجز التكليف، وأمكن الاحتياط فيجب العمل بالاحتياط لقاعدة الاشتغال فليس فيه أيضا ترجيح للمرجوح. نعم، لو تنجز التكليف ولم يمكن الاحتياط كما لو دار، امر القبلة في آخر الوقت بين جهتين يظن كون القبلة في إحداهما، ولم يمكن الاحتياط لضيق الوقت تعين الاخذ بالظن، والا لزم ترجيح المرجوح، وعليه فتمامية هذا الوجه تتوقف على تمامية مقدمات الانسداد من بقاء التكليف وعدم جواز الرجوع البراءة، وعدم لزوم الاحتياط أو عدم امكانه وغير ذلك من المقدمات، وبدونها لا يتردد الامر بين الاخذ بالراجح والاخذ بالمرجوح، وهو تام.
ولا يرد عليه ما افاده الشيخ الأعظم (ره) بقوله ان التوقف عن ترجيح الراجح أيضا قبيح كترجيح المرجوح، فان الظاهر أن الشيخ (ره) زعم أن المراد من هذا الوجه كون المراد منه مجرد عدم ترجيح المرجوح، فأجاب بذلك ولكن بعدما عرفت مراد القوم، لا يرد عليه هذا الوجه.
الوجه الثالث: ان العلم الاجمالي بوجود واجبات ومحرمات كثيرة بين المشتبهات يقتضى وجوب الاحتياط في جميع الشبهات باتيان كل ما يحتمل وجوبه ولو موهما وترك ما يحتمل الحرمة كذلك ولكنه موجب للعسر المنفى في الشريعة، فلا بد من التبعيض في الاحتياط، والاخذ بالمظنونات، - وبعبارة أخرى - الجمع بين قاعدتي الاحتياط وانتفاء الحرج، بالعمل بالاحتياط، في المظنونات خاصة: لان الجمع على غير هذا الوجه، باخراج بعض المظنونات، وادخال بعض المشكوكات والموهومات باطل اجماعا.
ويرد عليه ان الامرين المشار إليهما بعض مقدمات الانسداد، فلو لم ينضم إليهما ان باب العلم والعملي منسد، والرجوع إلى ما ينفى التكليف في جميع الوقائع مع الانسداد أو إلى الأصول لا يجوز، لا ينتج ذلك وجوب العمل بالظن كما هو واضح.