وقت قراءة بعض الأعلام الكتاب علينا فوجدناه في جملة من المواضع قد جمع فيها بين الأخبار المتنافية التي لا يمكن جعلها جميعا مذهبا له، ولم يذكر وجه الجمع فيها بما يوجب رجوع بعضها إلى بعض، كما لا يخفى على من راجع الكتاب، وتأمله حق التأمل في هذا الباب.
ومنها معلقة محمد بن إسحاق بن عمار (1) " قال: قلت له رجل تزوج امرأة فهلكت قبل أن يدخل بها تحل له أمها، وما الذي يحرم عليه منها ولم يدخل بها " وهذه الرواية أوضح ما استدل به لهذا القول.
وكيف كان فالقول الفصل - في هذا المقام والمذهب والذي لا يعتريه شائبة الابهام - هو أن يقال: لا ريب في صراحة الروايات الأول في الدلالة على القول المشهور، ولا شبهة في مطابقتها للكتاب العزيز، ولا سيما مع ما ورد من تفسيرها بذلك عنهم عليهم السلام كما دريت.
وقد استفاض عنهم عليهم السلام عرض الأخبار عند التعارض والاختلاف عليه، والأخذ بما وافقه وطرح ما خالفه، وهذه الأخبار الدالة على هذا القول الآخر ظاهرا أو احتمالا مخالفة له فيجب طرحها بمقتضى القاعدة المذكورة، ومع التحاشي عن طرحها بالكلية فما كان منها قابلا للحمل على ما يجتمع به على تلك الأخبار يجب أن يصار إليه، تفاديا من طرحها، وما لا يكون قابلا لذلك يجب حمله على التقية التي هي الأصل في اختلاف الأخبار في جميع الأبواب.
ويعضد ذلك شهرة الحكم بالقول المشهور سابقا ولاحقا كما سمعت من صحيحة منصور بن حازم (2) بتقريب ما ذيلناها به.
وأما نسبة هذا القول إلى الصدوق كما ذكره في المختلف ففيه ما عرفت، ويؤيده أيضا أنه قال في كتاب المقنع إذا تزوج البنت فدخل بها أو لم يدخل