و (ثانيها) في اشتراط الكمال بالبلوغ والرشد، فلا ولاية للصبي ولا المجنون ولا المغمى عليه ولا السكران الموجب سكره لذهاب عقله، قالوا: والوجه في ذلك هو أن هؤلاء لعجزهم عن اختيار الأزواج والنظر في أحوالهم وإدراك التفاوت بينهم المطلوب من الولي لا تثبت لهم الولاية نعم لو زال الجنون والاغماء والسكر عادت الولاية.
وربما قيل بأن الجنون المنقطع كالمطبق في رفع الولاية وهو ظاهر عبارة القواعد، قال الشارح المحقق: والأول أقرب مع قصر زمانه، ثم قال: والاغماء إن كان مما يدوم يوما أو يومين أو أكثر تزول الولاية حال الاغماء، لكن إذا زال عادت مع وجود مقتضاها كالأبوة والجدودة، وإن قصر زمانها غالبا فهي كالنوم لا تزول به الولاية. إنتهى (1).
وأشار بقوله " مع وجود مقتضاها " - بمعنى أن عود الولاية إنما يكون مع وجود المقتضي لها بكونه أبا أوجدا - إلى أنه لو كان وصيا لم تعد الولاية، وقد نبه على ذلك في آخر كلامه في المقام، فقال: إذا عرفت ذلك فإذا زال المانع عادت الولاية، وهذا في الأبوة والجدودة ظاهر، وأما في الوصاية فلأنها إذا بطلت لا تعود الولاية إلا بنص الموصي على عودها بعد زوال المانع. إنتهى.
ومرجع ذلك إلى أن الولاية في الأب والجد مترتبة على الأبوة والجدودة، وهي موجودة في محل الفرض، والولاية في الوصاية ليست كذلك بل منفكة عنها فزوالها بالاغماء لا يعود بمجرد بقاء الوصاية، لانفكاكها عنها، بل يحتاج إلى نص من الموصي على العود، إذ لا بد من دليل على عودها، وليس إلا ذلك،