أما مع كونه بلفظ تزوجت ونكحت أو أتزوجك ونحوه كما تقدم في الأخبار فلا، لأنه في معنى الإيجاب، وإن سمي قبولا اصطلاحا، وفي الحقيقة أن كلا منهما موجب وقابل.
وربما صار بعض المانعين إلى الفرق بين النكاح وغيره، فمنع من تقديم القبول في غير النكاح، وجوز فيه، مستندا إلى أن الإيجاب يقع من المرأة، وهي تستحي غالبا فيمنعها الحياء من أن تبتدئ به فإذا ابتدء الزوج بالقبول المتضمن لكل ما يطلب في العقد من المهر والشروط السابقة خفت المؤونة على المرأة، ولم يفت المطلوب، وتعدى الحكم إلى ما لو كان القبول من وكيلها أو وليها تبعا وطردا للباب، ولا يخفى ما فيه، والاعتماد على ما قدمناه أولا.
المسألة الثانية: المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) عدم جواز العدول عن العربية إلى الترجمة بالفارسية ونحوها إلا مع العجز.
وقيل: إن اعتبار العربية إنما هو على جهة الاستحباب، وإلا فإنه يجوز الترجمة اختيارا، والأول مذهب الشيخ في المبسوط حيث قال: إذا كان لا يحسن العربية صح العقد بلفظ التزويج بالفارسية، وإن كان يحسنها لم ينعقد إلا بلفظ النكاح أو التزويج، لأنه لا دلالة عليه، وادعى عليه الاجماع.
وتبعه على هذه المقالة من تأخر عنه من الأصحاب إلا ابن حمزة، فإنه قال:
فإن قدر المتعاقدان على القبول والايجاب بالعربية عقد بها استحبابا، وهو ظاهر في جواز العقد بالترجمة وإن كان قادرا على العربية.
احتج الأصحاب على القول المشهور بأن هذين اللفظين - أعني زوجتك وأنكحتك - لما كان متعينين في الإيجاب وهما عربيان قد ثبت شرعا التعبير بهما عن هذا المعنى، وكونهما سببا في عقده لم يجز العدول عنهما إلى غيرهما من الألفاظ الدالة عليهما بغير العربية، وقوفا على ما حده الشارع ونصبه سببا، ولأصالة بقاء