أقول: الظاهر أن الخبر المذكور عامي حيث لم ينقل في كتب أخبارنا وقد ذكره ابن الأثير في نهايته والظاهر أن القول المذكور للعامة تبعهم فيه العلامة في التذكرة، واستدل عليه بما استدلوا به.
وأما المباح فهو ما عدا ذلك، وابن حمزة فرض الإباحة أيضا لمن يشتهي النكاح ولا يقدر عليه أو بالعكس، وجعله مستحبا لمن جمع الوجهين، ومكروها لمن فقدهما.
أقول: لا يخفى أن الأحكام الشرعية يتوقف ثبوتها على الدليل الشرعي المنحصر عند بعض في الكتاب والسنة، وعند بعض فيهما، على زيادة الاجماع ودليل العقل، وإثباتها بمجرد التخيلات العقلية، والتعليلات الوهمية، مما منعت عنه الأخبار المعصومية.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في المباحث الآتية جملة من المواضع التي يحرم فيها النكاح، ويكره بالأدلة الشرعية، لكن ذلك من حيث المنكوحة، لا من حيث النكاح.
الثالثة: لا إشكال ولا خلاف في أن لفظ النكاح قد يطلق ويراد به الوطئ، وقد يطلق ويراد به العقد خاصة في كل من عرفي الشرع واللغة، وظاهر كلام الجوهري أن استعماله في الوطئ أكثر، حيث قال: النكاح الوطئ، وقد يقال:
العقد، وإنما الكلام في أنه هل هو مشترك بينهما، أو أنه حقيقة في أحدهما ومجاز في الآخر، وعلى تقدير الثاني فهل هو حقيقة في الوطئ، مجاز في العقد أو بالعكس؟ إشكال.
ورجح الأول بالنظر إلى استعماله فيهما. والأصل في الاستعمال الحقيقة.
ورجح الثاني بأن المجاز خير من الاشتراك عند التعارض.
ورجح الأول من الثاني لثبوته لغة بكثرة، كما يفهم من عبارة الصحاح، فيكون حقيقة فيه، والأصل عدم النقل.