شئ من هذه الأحكام لعدم الدليل عليه، بل قيام الدليل على خلافه، لقوله عليه السلام في حسنة حمران المتقدمة " إن كان دخل بها ولها تسع سنين فلا شئ عليه "، ومفهوم الشرط في رواية بريد " وإن كان بالنسبة إلى الدية ".
وبذلك يظهر ما في كلام الشيخ في جملة رواية الحلبي - المتضمنة لوجوب الاجراء عليها - على ما إذا دخل بها بعد بلوغ التسع، وأنه يجب عليه الاجراء عليها أمسكها أو طلقها، فإن فيه أن مقتضى الأصل المؤيد بما نقلناه من حسنة حمران أنه بعد بلوغ التسع لا يتعلق به شئ من هذه الأحكام بالكلية، وإنما هي مخصوصة بالافضاء قبل التسع.
والرواية المذكورة فيها من الاجمال ما يمنع الاعتماد عليها في الاستدلال، وذلك من جهات عديدة: (أحدها) أن الحكم مخصوص بمن لم تبلغ التسع وهي مجملة فيه. (وثانيها) التحريم مؤبدا في النكاح خاصة أو التزويج وهي مجملة فيه (وثالثها) وجوب الدية إن طلقها وهي مجملة فيه، وكيف كان فإنه يجب حمل إطلاقها في هذه الأحكام على ما فصله غيرها، وجواب الشيخ عنها في هذه الصورة التي ذكرها لا يحسم مادة الاشكال. والله العالم.
المسألة السادسة: المشهور بين الأصحاب من غير خلاف يعرف أن البنت المتولدة من الزنا حرام على الزاني، واستدل عليه الشيخ في الخلاف بوجهين:
الأول - أنه إذا زنى بامرأة حرمت عليه بنتها وانتشرت الحرمة، وطريقة الاحتياط يقتضي تجنب هذه.
الثاني: قوله تعالى (1) " وربائبكم " وهذه بنتها وبنته لغة وإن لم يكن شرعا، وقال ابن إدريس بالتحريم أيضا، لكن لا من هذه الحيثية، بل من حيث إن بنت الزناء كافرة فلا يحل على المسلم نكاحها وليست بنتا له شرعا وعرف الشارع هو الطارئ على عرف اللغة.