هذه الآية، وهي آية التخيير فقال " يا أيها النبي قل لأزواجك - إلى قوله - أجرا عظيما " فقامت أم سلمة وهي أول من قامت وقالت قد اخترت الله ورسوله فقمن كلهن فعانقنه وقلن مثل ذلك، فأنزل الله عز وجل " ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء " فقال الصادق عليه السلام: من آوى فقد نكح، ومن أرجى فقد طلق. إنتهى.
وهو ظاهر كما ترى في أنه بعد أن اخترن الله ورسوله خيره فيهن، بين طلاق من يريد منهن ونكاح من يريد، وحينئذ فلا تعلق للآية بالقسم المدعى في المقام بالكلية، وبذلك يبقى الحكم في قالب الاشكال، وثبت بذلك القول الأول من هذه الأقوال، لعدم ثبوت ما ادعي في دليله من العموم على وجه يتناوله صلى الله عليه وآله كما لا يخفى على من راجعها. والله العالم.
الفائدة الخامسة عشر: المشهور في كلام الأصحاب جواز أكل ما ينثر في الأعراس من مأكول، وهل يجوز أخذه واستصحابه مأكولا كان أو غيره؟ قالوا:
نعم بشرط إذن أربابه نطقا أو بشاهد الحال، وهل يملك بمجرد الأخذ أم لا، أقوال: وتفصيل هذا الاجمال على وجه يتضح منه الحال يقع في مواضع.
الأول: أنه لا ريب في جواز نثر المال في الأعراس من مأكول وغيره كالجوز واللوز والسكر والزبيب والتمر والدراهم والدنانير ونحوها، لأصالة الجواز، ولما في ذلك من حصول السرور المطلوب في هذه المواضع، وهل يوصف مع ثبوت الجواز بالمعنى الأعم بشئ من الأحكام الخمسة؟ الظاهر العدم.
أما الوجوب فلا ريب في انتفائه لعدم دليل عليه، وأما الاستحباب فكذلك أيضا، لأنه حكم شرعي يتوقف على وجود دليل عليه، وإن أثبته بعض العامة وحكم آخرون منهم بالكراهة، لأنه يؤخذ باختلاس وانتهاب، وهو يؤدي إلى الوحشة والعداوة، ولأنه قد يأخذه غير من يحب صاحبه، وفي إثبات الكراهة التي هي حكم شرعي بمثل هذه التعليلات نظر.