والواجب أولا نقل الأخبار الواردة في المقام ثم تذييلها بما يسر الله تعالى فهمه منها بتوفيقة وبركة أهل العصمة (صلوات الله عليهم) فنقول:
منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل تكون عنده الجارية يجردها وينظر إلى جسدها نظر شهوة وينظر منها إلى ما يحرم على غيره، هل تحل لأبيه؟ وإن فعل ذلك أبوه هل تحل لابنه؟
قال: إذا نظر إليها نظر شهوة ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحل لابنه، وإن فعل ذلك الابن لم تحل لأبيه ".
ورواه في الكافي والتهذيب عن محمد بن إسماعيل. وهو ابن بزيع (2) في الصحيح " قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يكون عنده الجارية فيقبلها، هل تحل لولده؟ فقال: بشهوة؟ قلت: نعم، قال: فقال: ما ترك شيئا إذا قبلها بشهوة ثم قال ابتداء منه: إن جردها ونظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه، قلت:
إذا نظر إلى جسدها؟ فقال: إذا نظر إلى فرجها وجسدها بشهوة حرمت عليه ".
أقول: وبهاتين الروايتين استدل للقول الأول، وهما صحيحتان صريحتان.
والظاهر أن المراد من النظر إلى ما يحرم على غيره الاحتراز عن الوجه والكفين حيث إنه يجئ أن النظر إليهما لا يوجبان تحريما وإن كان النظر بشهوة.
وظاهر الأصحاب أن النظر إليهما بشهوة يوجب التحريم، وظاهر الخبرين خلافه، وكذا ظاهر الخبرين سيما الثاني أن التحريم بالنظر إلى الجسد لا بد من تقييده بالشهوة، فلو نظر إليه بغير شهوة لم يوجب تحريما، ومقتضى الخبر قصر التحريم على الأب والابن.