وفي هذه المواضع الثلاثة دلالة على أن جميع أخباره التي ينقلها ساكتا عليها موجودة في الأصول العديدة ثابتة الصحة عنده مروية من طرق عديدة، وإذا ضممت هذه المواضع بعضا إلى بعض عرفت أن نقله لهذا الخبر وكذا غيره من الأخبار التي يجمد عليها ليس إلا لأنها صحيحة صريحة معمول عليها عنده ومعتمد عليها لديه.
ثم أقول: ظاهر الشيخ القول بهذا الخبر ونحوه وإن لم يصرح بالحكم بخصوصه، حيث إنه في كتاب العدة وصدر كتاب الإستبصار قد صرح بأن الخبر إذا لم يكن متواترا أو تعرى عن إحدى القرائن الملحقة له بالتواتر فإنه خبر واحد، ويجوز العمل به إذا لم يعارضه خبر آخر ولم يعلم فتوى الأصحاب على خلافه، وهذا الخبر كما ترى ليس له معارض فيما دل عليه، ولم يقع من أحد من الأصحاب فتوى بخلافه فيجوز العمل به حينئذ.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن المانع من هذا الحكم إما أن يتطرق نزاعه إلى سند الخبر المذكور أو متنه، فأما السند فالكلام فيه مفروع منه على رأينا في عدم العمل بهذا الاصطلاح المحدث، ومع التسليم فإن الرواية صحيحة بنقل الصدوق كما هو المشهور بين الأصحاب من عد أخبار هؤلاء المذكورين في الصحيح، عن أبان بن عثمان الذي ربما ناقش في صحة خبره من لا يلتفت إليه ولا يعول عليه كما لا يخفى على الممارس، ومحمد بن علي ماجيلويه الذي هو من عمد مشايخ الإجازة وقد عد حديثهما في الصحيح العلامة وغيره في غير موضع.
وأما متن الخبر فإنه لا يخفى أن قوله - لا يحل من الألفاظ الصريحة في التحريم - إذا هو المتبادر منه عند الاطلاق والتبادر إمارة الحقيقة، كما صرح به محققو الأصوليين، ويؤكده التعليل بالمشقة، وأن ذلك يشق عليها (صلوات الله عليها)، ومن الظاهر البين أن الأمر الذي يشق عليها يؤذيها، وايذاؤها محرم بالاتفاق، لأنه إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وآله بالخبر المتفق عليه بين الخاصة