المذكورة محمولة على استحباب الاستبراء وكراهة الجماع بدونه، ويخرج لفظ " لا ينبغي " شاهدا بأن يحمل على ما هو المتعارف من الكراهة، إلا أن عبارة الشيخ المفيد المتقدمة ظاهرة فيما دلت عليه الرواية المذكورة، والاحتياط ظاهر، والله العالم.
المقام الثالث: في وطئ الشبهة، والمراد به ما ليس بمستحق منه مع عدم العلم بتحريمه، كالوطئ في نكاح فاسد أو شراء فاسد مع عدم العلم بفسادهما، وإذا ظن أجنبية أنها زوجته أو أمته فوطأها ونحو ذلك.
وقد اختلف الأصحاب في نشر الحرمة به فالمشهور ذلك، وأنه كالوطئ الصحيح، وخالف في ذلك ابن إدريس فقال: أما عقد الشبهة ووطي الشبهة فعندنا لا ينشر الحرمة ولا يثبت به تحريم المصاهرة بحال، وتبعه المحقق في كتابيه ونسب القول بالتحريم إلى تخريج الشيخ فقال في الشرايع، وأما الوطئ بالشبهة فالذي خرجه الشيخ (رحمه الله) أنه ينزل منزلة النكاح الصحيح، وفيه تردد، أظهره أنه لا ينشر.
قال في المسالك: ووجه التحريم مساواته للصحيح في لحوق النسب، وثبوت المهر به، والعدة، وسقوط الحد، وهي معلولة للوطئ الصحيح كما أن الحرمة معلولة الآخر، وثبوت أحد المعلولين يستلزم ثبوت الآخر، والمصنف يمنع ذلك لعدم النص وأصالة بقاء الحل وضعف هذا التخريج، فإنه لا يلزم من ثبوت حكم لدليل ثبوت آخر يناسبه، كما أن المحرمية منتفية عن وطئ الشبهة بالاجماع، مع أنها من جلمة معلولات الوطئ الصحيح، وقد سبقه ابن إدريس إلى ذلك.
والأقوى نشر الحرمة به مع سبقه لثبوته في الزنا بالنص الصحيح مع تحريمه، فيكون في الشبهة أولى، لأنه وطئ محترم شرعا، فيكون إلحاقه بالوطئ الصحيح في ثبوت حرمة المصاهرة أولى من الزنا، كما يثبت به أكثر أحكام الصحيح.
ولا يقدح تخلف المحرمية، لأنه إباحة بحل النظر بسببه، فجاز اشتراطه