صلى الله عليه وآله وسلم لما عدل عنه إلى العبادات، وإنكاره عليهم أتم الانكار، فلولا أنه أفضل لما حسن هذا الانكار في العدول عنه إلى تلك العبادات.
وأما التمسك بآية (1) " زين للناس حب الشهوات من النساء " الآية، وحصول الذم فيها لهذه الأشياء، ففيه أنه لا يخفى استفاضة الأخبار وتكاثرها بالأمر بجملة من هذه الأشياء كالنساء وحب الأولاد وطلبهم لما عرفت من أخبار مباهاته صلى الله عليه وآله وسلم الأمم بكثرة أمته، وتعليله ذلك بتثقيل الأرض بالتهليل ونحو ذلك، وجمع المال من الحلال، كما ورد أيضا.
وقد تقدمت الأخبار بذلك في مقدمات كتاب التجارة، واستفاضت الروايات بالحث على التجارة، كما تقدم أيضا ونحو ذلك.
ولا ريب أن الشهوة إنما هي من الله عز وجل ليس للعبد فيه اختيار.
قال أمين الاسلام الطبرسي (قدس سره) في كتاب مجمع البيان (2): والشهوة من فعل الله عز وجل ليس للعبد فيه اختيار فلا يمكننا دفعها عن نفوسنا، فلا يقدر عليها أحد من البشر وهي ضرورية فينا لأنا لا يمكننا دفعها عن نفوسنا، إنتهى.
وحينئذ فإذا ثبت ذلك علم أن الذم لا يترتب على هذه الأشياء من حيث هي، ولا باعتبار قصد غاية راجحة شرعا منها كامتثال تلك الأوامر الشرعية، واكتساب الولد، وكسر الشهوة الحيوانية في النكاح، وحب المال للتوصل به إلى الطاعات والقربات، ونحو ذلك.
وإنما يترتب عليها باعتبار الاختصاص بالانهماك في الشهوة البهيمية، وعدم قصد شئ من الغايات الأخروية، وعلى هذا لا دلالة في الآية على ما ادعاه ذلك المستدل.