العقود اللازمة يجب أن يكون لها ألفاظ معينة من الشارع صريحة الدلالة، وأما العقود الجائزة فليست كذلك بل يكفي فيها كل ما دل على المراد ولم تكن من قبل الشارع أوجبوا في هذا المقام بهذين اللفظين، واختلفوا في الثالث.
وأنت خبير بأن هذه القاعدة المدعاة لم نقف لها على مستند بل ظاهر الأخبار وهو أن الأمر أوسع من ذلك فإن المطلوب من العقود يحصل بكل ما دل على المقصود، لكنا في هذا الباب لما رأينا الأخبار بالنسبة إلى لفظ المتعة إنما تضمنت التعبير به في المنقطع خاصة حكمنا احتياطا بالتخصيص به وعدم انعقاد الدائم به (1) فإنه من المحتمل أن تصريح الأخبار بذلك لعلة موجبة للاختصاص وإن كنا لا نهتدي إلى الآن بوجهها.
ثم إن المشهور بين الأصحاب خصوصا المتأخرين أنه يشترط في عقد النكاح وغيره من العقود اللازمة وقوع الإيجاب والقبول بلفظ الماضي.
قالوا: لأنه دال على صريح الانشاء المطلوب في العقود، بخلاف صيغة المضارع والأمر فإنهما ليستا موضوعتين للانشاء، ولاحتمال الأول منهما الوعد، ولأن العقد مع الاتيان باللفظ الماضي متفق على صحته وغير مشكوك فيه، فيقتصر على المتيقن، ولأن تجويز غيره يؤدي إلى انتشار الصيغة وعدم وقوفها على قاعدة، فيصير العقد اللازم مشبها للإباحة، والعقود اللازمة موقوفة على ثبوت أمر من الشارع لأنها أسباب توقيفية فلا يتجوز فيها.
وأنت خبير بما فيه، أما (أولا) فلما ذكره السيد السند في شرح النافع حيث قال - بعد قول المصنف بأنه يشترط الماضي لأنه صريح في الانشاء، ونعم ما قال -: