ودعوى كون ذلك مختصا بعقد المتعة يتوقف على ثبوت دليل على أصل القاعدة المدعاة مع أنه لا دليل عليها إلا دعواهم المتقدمة وتخريجاتهم المنخرمة.
و (ثانيا) أنه لا ريب أن لفظ التزويج صالح للدائم والمنقطع، وإنما يفترقان بذكر الأجل وعدمه، ولهذا قيل: إنه لو قصد المتعة وأهمل ذكر الأجل انقلب دائما فدل على اشتراكهما في اللفظ الدال على العقد بل دل على جواز إيقاع الدائم بلفظ التمتع كما قيل.
وحينئذ فيلزم من صحة عقد التمتع بالمضارع صحة الدائم به.
قالوا: ولا يشترط في القبول مطابقته لعبارة الإيجاب، بمعنى أن يكونا من مادة واحدة بل تصح إن اختلفا بأن يقال زوجتك فيقال قبلت النكاح أو رضيت به أو يقال أنكحتك فيقال قبلت التزويج أو تزوجت.
والوجه في ذلك أن المعتبر من القبول اللفظي ما دل على الرضا بالايجاب أعم من أن يكون أحد اللفظين المشهورين أو غيرهما دل المعنى المقصود منهما.
ثم إنهم قد اختلفوا فيما لو قال: زوجت بنتك من فلان فقال: نعم فقال الزوج: قبلت، فقيل: بالصحة، ونقل عن الشيخ - رحمه الله - وبه جزم المحقق في النافع، وتردد في الشرايع، وعلله في النافع بأن " نعم " يتضمن السؤال بمعنى أنها وضعت لتصديق ما تقدم فتحذف الجملة بعدها وتقوم هي مقامها فإذا قصد بها الانشاء فقد أوجب، لأنه في قوة " نعم زوجت بنتي من فلان " فإذا قبل الزوج تم العقد، ويعضده رواية أبان المتقدمة، وكذا رواية عبيد بن زرارة السابقة أيضا.
وقيل بعدم الصحة ونسبه في المسالك إلى الأشهر بين الأصحاب نظرا إلى ما تقدم من أن الموضوع شرعا في سببية النكاح وحصوله هو أحد اللفظين أو الثلاثة على الخلاف المتقدم فيجب الاقتصار عليها، لأن الأسباب الشرعية لا يقاس عليها، فجزء العقد غير مذكور وإن وجد ما يدل عليه، والمسألة لا تخلو من تردد وإن كان القول الأول يخلو من قوة.