بالتحريم مبني على تيقن العلم ببقائه.
بقي هنا شئ ينبغي التنبيه عليه، وهو أنه لو عقد على واحدة من العدد المحصور فلا ريب أنه منهي عن ذلك وأن العقد باطل بحسب ظاهر الشرع لما عرفت من تحريم الجميع عليه في المحصور، ولكن لو ظهر بعد العقد أن المعقود عليها ليست من المحرمات عينا ولا جمعا، فهل يحكم بصحة العقد بناء على مطابقته للواقع وانكشاف ذلك له، أو البطلان لسبق الحكم ببطلانه، وأنه وقع مع اعتقاد العاقد عدم الصحة، وأن الأحكام الشرعية إنما تناط بالظاهر لا بالواقع ونفس الأمر، مقتضى قواعد الأصحاب وأصولهم هو البطلان لما عرفت، ولا ريب أن التجديد أحوط.
الخامس: لو حصل الشك في بلوغ النصاب من العدد المعتبر أو في وصول اللبن إلى الجوف في بعض المرات أو نحو ذلك من الشروط المعتبرة في التحريم لم تثبت الحرمة، لأن الأصل الإباحة والأصل عدم الحرمة، إلا أن الاحتياط يقتضي التحريم كما استفاض الأمر به سيما في النكاح محافظة على النسل الممتد إلى يوم القيامة.
أما لو شك في وقوع الرضاع في الحولين، قالوا: تقابل هنا أصلان أصالة بقاء الحولين، لأن كون المرتضع في الحولين كان ثابتا قبل الرضاع والأصل البقاء وأصالة الإباحة لأنها كانت ثابتة قبل الرضاع وقبل النكاح والأصل بقاؤها.
ورجح الثاني بوجوه (أحدها) أن التقابل والتكافؤ أي تقال الأصلين المذكورين، وعدم إمكان ترجيح أحدهما على الآخر، يقتضي التساقط كما قيل تعارضا تساقطا، فينتفي التحريم قطعا لانتفاء سببه، ويلزم من انتفائه ثبوت الإباحة إذ لا يعقل ارتفاع النقيضين.
و (ثانيها) أن الشك في وقوع الرضاع في الحولين يقتضي الشك في تقدم الرضاع وتأخره، والأصل عدم التقدم.