وبالجملة فاختلال هذه الأخبار وعدم صلوحها للاستدلال - مع قطع النظر عما عارضها من الأخبار الصريحة في نفي العشر - مما لا يخفي على المتأمل المنصف، وقد وقع للفاضلين المتقدمين أيضا في هذا الموضع ما وقع لهم سابقا من الاشكال المتقدم من جهة تلك الأخبار، وقد عرفت ما فيه.
وزاد الفاضل الخراساني في الاشكال هنا برواية عمر بن يزيد (1) " قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: خمس عشر رضعة لا تحرم " وهذا الخبر حمله الشيخ على الرضعات المتفرقة، ويمكن حمله على الانكار دون الأخبار.
وبالجملة فإنه - بعد ما عرفت وستعرف إن شاء الله من التحقيق - لا يبقي لهذا الخبر قوة المعارضة لاجماع الفرقة الناجية سلفا وخلفا على رده، وعدم العمل عليه بل إجماع الأمة، لما عرفت من أقوال العامة في المسألة، ولكن هذا الفاضل ربما يتشبث بما هو أوهن من بيت العنكبوت، وإنه لأوهن البيوت.
استدل الشيخ ومن بعده للقول الثاني بما رواه في التهذيب عن زياد بن سوقه في الموثق (2) " قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: هل للرضاع حد يؤخذ به؟
فقال: لا يحرم الرضاع أقل من رضاع يوم وليلة، أو خمس عشرة رضعات متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها، ولو أن امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد، وأرضعتها امرأة أخرى من لبن فحل آخر عشر رضعات لم يحرم نكاحها ".
وهي نص في ثبوت التحريم بالخمس عشرة، وصريحة في نفي العشرة، وأيده بعضهم بأصالة الإباحة واستصحابها.
وهذا القول هو الأظهر عندي وعليه العمل، لما عرفت من روايات العشر، وتصادمها، وعدم نهوض ما استدل به بالدلالة، وما ستعرف - إن شاء الله - في