الصورة المذكورة، وعلى هذا اتفقت كلمة الأصحاب أيضا في ما سوى ثلاث صور يأتي التنبيه عليها إن شاء الله تعالى، قد ذهب شذوذ منهم فيها إلى التحريم بناء على توهم سبق إلى ذهنه مع التزامهم بأصل القاعدة فجعلوا هذه الصور مستثنيات منها، وسنبين إن شاء الله تعالى بطلان ما ذهبوا إليه وتوهموه:
وثالثا: أن الظاهر أن وجه ما ذكره ذلك الفاضل من التعميم في الخبر هو أنه لما نزل ذلك الأخ الرضاعي لولده منزلة ولده، ومن المعلوم أن منزلة ولده منه توجب تحريمه عليه، وتحريم كل من أقاربه عليه أيضا، وتحريم بعضهم على بعض، فكذا تثبت هذه المنزلة لهذا الأخ الرضاعي لولده.
وجوابه أن توهم العموم في المقام باطل وهو ظاهر عند المتأمل، وذلك لأن مورد النص - كما ستقف عليه إن شاء الله - هو تحريم أولاد المرضعة على أب المرتضع، معللا بما ذكره.
فالمراد بكونهن بمنزلة ولده يعني في التحريم عليه، فكما أن ولده يحرمون عليه فكذا أولئك، فإنك إذا قلت " أكرم زيدا فإنه بمنزلة أبيك " فإن المتبادر منه يعني في استحقاق وجوب الاكرام لا مطلقا، فكذا هنا لما قال:
" يحرم عليك نكاحهن لأنهن بمنزلة ولدك "، يعني في التحريم عليك، فالمنزلة إنما تثبت في التحريم عليه خاصة لا مطلقا حتى أنه يمتنع نكاح إخوة أحد المرتضعة إخوة الآخر كما هو مذهب الشيخ في الخلاف، كيف والخطاب في الخبر إنما هو لأب المرتضع.
نعم لو ورد النص مطلقا في أن ولد الفحل بمنزلة ولد أب المرتضع لاتجه ما ادعاه، والله العالم.
المورد الثاني: في ذكر المسائل التي وقع الخلاف فيها في البين، وبيان ما هو الحق فيها من القولين.
الأولى: هل يجوز لأب المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن ولادة