النساء، ففرق بين الرجال والنساء، وحملت أم - إبراهيم بإبراهيم عليه السلام ولم يبين حملها، فلما حان ولادتها قالت: يا آزر انى قد اعتللت وأريد ان اعتزل عنك، وكان في ذلك الزمان المرأة إذا اعتلت اعتزلت عن زوجها، فخرجت و اعتزلت في غار، ووضعت بإبراهيم صلى الله عليه وهيئته وقمطته ورجعت إلى منزلها وسدت باب الغار بالحجارة، فأجرى الله لإبراهيم عليه السلام لبنا من ابهامه وكانت أمه تأتيه، ووكل نمرود بكل امرأة حامل، فكان يذبح كل ولد ذكر، فهربت أم إبراهيم بإبراهيم من الذبح، وكان يشب إبراهيم صلى الله عليه في الغار يوما كما يشب غيره في الشهر، حتى أتى له في الغار ثلث عشرة سنة، فلما كان بعد ذلك زارته أمه، فلما أرادت ان تفارقه تشبث بها فقال:
يا أمي أخرجيني، فقالت له: يا بنى ان الملك ان علم انك ولدت في هذا الزمان قتلك، فلما خرجت أمه خرج من الغار وقد غابت الشمس نظر إلى الزهرة في السماء، فقال هذا ربى فلما غابت الزهرة قال: لو كان هذا ربى ما تحرك ولابرح، ثم قال: لا أحب الآفلين والآفل الغايب، فلما نظر إلى المشرق رأى وقد طلع القمر قال: هذا ربى هذا أكبر وأحسن فلما تحرك وزال قال: لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين، فلما أصبح وطلعت الشمس ورآى ضوءها وقد أضاءت الدنيا لطلوعها قال: هذا ربى هذا أكبر وأحسن فلما تحركت وزالت كشف الله له عن السماوات حتى رأى العرش ومن عليه، وأراه الله ملكوت السماوات والأرض، فعند ذلك (قال: يا قوم انى برئ مما تشركون انى وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) فجاء إلى أمه وأدخلته دارها وجعلته بين أولادها.
وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول إبراهيم: (هذا ربى) أشرك في قوله: هذا ربى؟
فقال: لا، بل من قال هذا اليوم فهو مشرك، ولم يكن من إبراهيم شرك، وانما كان في طلب ربه وهو من غيره شرك، فلما أدخلت أم إبراهيم، إبراهيم دارها نظر إليه آزر فقال:
من هذا الذي قد بقي في سلطان الملك والملك يقتل أولاد الناس؟ قالت: هذا ابنك ولدته وقت كذا وكذا حين اعتزلت عنك، قال: ويحك ان علم الملك بهذا زالت منزلتنا عنده، وكان آزر صاحب أمر نمرود ووزيره، وكان يتخذ الأصنام