بالمدينة وكان متعبدا باستقبال بيت المقدس استقبله وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا، وجعل قوم من مردة اليهود يقولون، والله ما ندري محمد كيف يصلى حتى صار يتوجه إلى قبلتنا ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا، واشتد ذلك على رسول - الله صلى الله عليه وآله وسلم لما اتصل به عنهم وكره قبلتهم، وأحب الكعبة، فجاء جبرئيل عليه السلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس إلى الكعبة، فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبلتهم، فقال جبرئيل عليه السلام، فاسأل ربك أن يحولك إليها فإنه لا يردك عن طلبتك ولا يخيبك من بغيتك، فلما استتم دعائه صعد جبرئيل ثم عاد من ساعته فقال اقرأ يا محمد قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره الآيات فقال اليهود عند ذلك: ما وليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأجابهم الله بأحسن جواب فقال: قل لله المشرق والمغرب وهو يملكها وتكليفه التحول من جانب إلى جانب كتحويله لكم من جانب إلى جانب آخر يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم هو مصلحتهم (1) وتؤديهم طاعتهم إلى جنات النعيم.
400 - وقال أبو محمد وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله فقالوا: يا محمد هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربع عشرة سنة، ثم تركتها الان أفحقا كان ما كنت عليه فقد تركته إلى باطل؟ فان ما يخالف الحق باطل أو باطلا كان ذلك فقد كنت عليه طول هذه المدة فما يؤمنا أن تكون الان على الباطل؟ فقال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: بل ذلك كان حقا وهذا حق، يقول الله، (قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم) إذا عرف صلاحكم يا أيها العباد في استقبال المشرق أمركم به، وإذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب أمركم به، وان عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به، فلا تنكروا تدبير الله في عباده وقصده إلى مصالحكم.
401 - في بصائر الدرجات عبد الله بن محمد عن إبراهيم بن محمد الثقفي