قال: أما أنت فقد أمنتك: واما أهل بيتك فانى ارمى من ههنا إلى بيت المقدس، فان وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي، وان لم تصل فهم آمنون، وانتزع قوسه ورمى نحو بيت المقدس فحملت الريح النشابة (1) حتى علقتها في بيت المقدس، فقال لا أمان لهم عندي، فلما وافى نظر إلى جبل من تراب وسط المدينة وإذا دم يغلى وسطه، كلما القى إليه التراب خرج وهو يغلى، فقال: ما هذا؟ فقالوا هذا دم نبي كان لله فقتله ملوك بني إسرائيل ودمه يغلى، وكلما ألقينا عليه التراب خرج يغلى، فقال بخت نصر لأقتلن بني إسرائيل ابدا حتى يسكن هذا الدم وكان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا عليهما السلام، وكان في زمانه ملك جبار يزنى بنساء بني إسرائيل، وكان يمر بيحيى بن زكريا فقال له يحيى اتق الله أيها الملك لا يحل لك هذا، فقالت له امرأة من اللواتي كان يزنى بهن حين سكر أيها الملك اقتل يحيى، فأمر ان يؤتى برأسه فاتى برأس يحيى (ع) في طشت وكان الرأس يكلمه ويقول له: يا هذا اتق الله ولا يحل لك هذا، ثم غلى الدم في الطشت حتى فاض إلى الأرض، فخرج يغلى ولا يسكن، وكان بين قتل يحيى وخروج بخت نصر مأة سنة فلم يزل بخت نصر يقتلهم وكان يدخل قرية قرية فيقتل الرجال والنساء والصبيان وكل حيوان والدم يغلى ولا يسكن، حتى افنى من بقي منهم، ثم قال: بقي أحد في هذه البلاد؟ قالوا: عجوز في موضع كذا وكذا، فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن، وكانت آخر من بقي، ثم أتى بابل فبنى بها مدينة وأقام وحفر بئرا فالقى فيها دانيال والقى معه اللبوة (2) فجعلت اللبوة تأكل طين البئر ويشرب دانيال لبنها، فلبث بذلك زمانا فأوحى الله إلى النبي الذي كان ببيت المقدس ان أذهب بهذا الطعام والشراب إلى دانيال واقرأه منى السلام، قال وأين هو يا رب؟ قال في بئر بابل في موضع كذا وكذا، قال فأتاه فاطلع في البئر فقال يا دانيال قال لبيك، صوت غريب، قال إن ربك يقرئك السلام وقد بعث إليك بالطعام و الشراب فدلاه إليه (3) قال فقال دانيال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، الحمد لله الذي
(٢٧٣)