فقال: ان الله بعث على بني إسرائيل نبيا يقال له إرميا، فقال قل لهم ما بلد تنقيته من كرايم البلدان وغرس (1) فيه من كرايم الغرس ونقيته من كل غرسة فاخلف فأنبت خرنوبا (2) قال: فضحكوا واستهزؤا به فشكاهم إلى الله قال: فأوحى الله إليه ان قل لهم ان البلد بيت المقدد والغرس بنو إسرائيل تنقيته من كل غرسة، ونحيت عنهم كل جبار، فأخلفوا فعملوا المعاصي (3) فلا سلطن عليهم في بلدهم من يسفك دمائهم ويأخذ أموالهم: فان بكوا إلى فلم ارحم بكائهم وان دعوا لم استجب دعائهم فشلتهم وفشلت، ثم لأخربنها مأة عام ثم لأعمرنها فلما حدثهم جزعت العلماء فقالوا: يا رسول الله ما ذنبنا نحن ولم نكن نعمل بعملهم؟ فعاود لنا ربك فصام سبعا فلم يوح إليه شئ فأكل اكلة ثم صام سبعا فلم يوح إليه شئ فاكل اكلة ثم صام سبعا فلما إن كان يوم الواحد والعشرين أوحى الله إليه: لترجعن عما تصنع أتراجعني في أمر قضيته أو لأردن وجهك على دبرك؟
ثم أوحى الله إليه قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه. فسلط الله عليهم بخت نصر فصنع بهم ما قد بلغك ثم بعث بخت نصر إلى النبي فقال: انك قد نبئت عن ربك وحدثتهم بما اصنع بهم فان شئت فأقم عندي فيمن شئت وان شئت فاخرج، فقال لابل اخرج فتزود عصيرا وتينا وخرج، فلما ان غاب مد البصر التفت إليها فقال إني يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مأة عام أماته غدوة وبعثه عشية قبل ان تغيب الشمس وكان أول شئ خلق منه عيناه في مثل غرقئ البيض (4) ثم قيل له: (كم لبثت قال لبثت يوما) فلما نظر إلى الشمس