لمن صدقها، ومسكن عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، فيها أنبياء الله ومهبط وحيه، ومصلى ملائكته، ومسكن أحبائه، ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا منها الجنة - إلى أن قال: - فأيها الذام للدنيا، المغتر بغرورها متى استذمت إليك؟ بل متى غرتك بنفسها؟ أبمصارع آبائك من البلى، أم بمضاجع أمهاتك من الثرى، كم مرضت بيديك وعللت بكفيك؟ - الخبر (1).
في مسائل ابن سلام قال للنبي (صلى الله عليه وآله): فأخبرني عن شئ لا شئ. قال: هي الدنيا يذهب نعيمها، ويموت ساكنها، ويخمد ضوؤها (2).
كتابي الحسين بن سعيد أو لكتابه والنوادر: عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه كان يقول:
نعم العون الدنيا على الآخرة (3).
أمالي الطوسي: عن هشام، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنا لنحب الدنيا، وأن لا نعطاها خير لنا، وما أعطي أحد منها شيئا إلا نقص حظه في الآخرة. قال:
فقال له رجل: والله إنا لنطلب الدنيا. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): تصنع بها ماذا؟ قال:
أعود بها على نفسي وعلى عيالي، وأتصدق منها، وأصل منها، وأحج منها، قال:
فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): ليس هذا طلب الدنيا هذا طلب الآخرة (4).
نهج البلاغة: قال (عليه السلام): الدنيا خلقت لغيرها ولم تخلق لنفسها (5).
أقول: يستفاد منه أن الذم إذا أحبها لنفسها، وأما إذا أحبها للعون بها على أمور الآخرة فلا ذم بل تكون ممدوحة. كما عرفت من سابقيه، ويبين ذلك كلامه الآتي.
نهج البلاغة: ومن خطبة له (عليه السلام): ألا وإن الدنيا دار لا يسلم منها إلا فيها، ولا ينجى بشئ كان لها، ابتلي الناس بها فتنة، فما أخذوه منها لها، أخرجوا منه،