على تسليم ما اقترحوه.
فنقول: قد جعل الله تعالى للبنت الواحدة النصف، ومذهبكم هذا يقتضي أن للأبوين السدسين وما بقي لبنت الابن، وهي عندكم بنت المتوفى على سبيل الحقيقة، فقد صارت البنت تأخذ مع الأبوين أكثر من النصف بسبب واحد وجرت في ذلك مجرى الأبوين. فأما القول: " بأن للبنت الواحدة النصف وللبنتين الثلثين " إنما يختص باجتماع الأبوين معهن، فمن بعيد القول عن الصواب، لقوله تعالى: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " وهذه جملة مستقلة بنفسها، وظاهر القرآن يقتضي أن للذكر مثل حظ الأنثيين على كل حال ومع وجود كل أحد وفقد كل أحد، ثم عطف جملة مستقلة أخرى فقال تعالى: " فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك " ظاهر هذه الجملة أن ذلك لهن على كل حال ومع فقد كل أحد ووجوده، ثم عطف [جملة] أخرى مستقلة فقال تعالى: " وإن كانت واحدة فلها النصف " ولم يجر للوالدين ذكر، فهذا يقتضي أن لها النصف مع كل أحد إلا أن يمنع دليل، ثم قال: " ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث " فبين تعالى حكم الوالدين في الميراث مع وجود الولد وفقده فكيف يجوز أن يعلق إيجاب النصف للبنت الواحدة والثلثين للبنتين بوجود الأبوين؟! وقد تقدم ذكر حكم البنات مطلقا، وبعد الخروج عنه أتى ذكر الأبوين مشروطا، وكيف يتوهم متأمل ذلك والله تعالى يقول: " إن كان له ولد " فشرط في ميراث الأبوين الولد؟!.
ولو كان المراد أن النصف للبنت والثلثين للبنتين مع وجود الأبوين لكان اشتراط الولد لغوا واشتراطا لما هو موجود مذكور، ولو صرح تعالى بما ذكروه لكان الكلام قبيحا خارجا عن البلاغة، فإنه لو قال تعالى: ولأبويه مع البنت أو