وقال ابن إدريس: الذي يقتضيه أصول المذهب أن عمد الأعمى عمد يجب فيه عليه القود، لقوله تعالى: (النفس بالنفس) (ولكم في القصاص حياة) فإذا لم يقتل الأعمى بمن قتله عمدا خرجت فائدة الآية، فلا يرجع عن الأدلة القاهرة برواية شاذة وخبر واحد لا يوجب علما ولا عملا (1). والوجه ذلك.
لنا: أن مناط القصاص - وهو القتل العمد - العدوان ثبت هنا فيثبت الحكم، عملا بالعلة وعموم الآيات.
احتج الشيخ - رحمه الله - بما رواه أبو عبيدة، عن الباقر - عليه السلام - قال:
سألته عن أعمى فقأ عين رجل صحيح متعمدا، قال: فقال: يا أبا عبيدة إن عمد الأعمى مثل الخطأ هذا فيه الدية من ماله، فإن لم يكن له مال فإن دية ذلك على الإمام، ولا يبطل حق مسلم (2).
وعن محمد الحلبي، عن الصادق - عليه السلام - قال: سألته عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله، قال: فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: هذان متعديان جميعا، فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا، لأنه قتله حين قتله وهو أعمى، والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما، فإن لم يكن للأعمى عاقلة لزمته ديته ما جنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين ويرجع الأعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه (3).