وما قيل: من أن المكره عليها هي الطبيعة لا المصاديق، فهو مختار في المصاديق، فكل مصداق وجد فهو باختياره لا بالإكراه (1).
مدفوع: بأن كل فرد وجد في الخارج وكان أول وجود الطبيعة، فهو منطبق عليه بالنسبة للطبيعة المكره عليها، ولا يعقل وقوعه على نعت الاختيار مقابل الإكراه، والخصوصية المختارة ليست موضوعة للأثر، كالبيع في مكان كذا، أو مع خصوصيات محتفة بالطبيعة حتى صارت مثلا هذا المصداق دون ذاك.
لكن نفس الطبيعة لا يعقل أن لا تكون مكرها عليها في الفرض، وأول المصاديق عين الطبيعة المكره عليها خارجا.
لا أقول: إن الأمر بالطبيعة سرى إلى المصداق; فإنه واضح البطلان.
بل أقول: إنه بالأمر بالطبيعة ملزم ومكره على إيجادها بفرد ما، فيوجده إلزاما وإكراها.
ولو أوجد في الفرض عدة مصاديق في عرض واحد، فلا شبهة في عدم وقوع جميعها مكرها عليها ولو قلنا بأن كل واحد وقع امتثالا للأمر - كما قيل في الأوامر الإلهية المتعلقة بالطبائع: إن الإتيان بأفراد عرضا موجب لوقوع كل على سبيل الامتثال مستقلا، ويستحق مثوبات بعدد الأفراد (2) - وذلك لأن في الإكراه يعتبر عدم إمكان التفصي، ومع كون ترك ما عدا واحد منها لا يترتب عليه ضرر، لا يقع مكرها عليه.
مع أن حديث الامتثالات الكثيرة غير مرضي، وإن أمكن إقامة البرهان عليه; بأن يقال: لا سبيل إلى إنكار عدم حصول الامتثال رأسا، ومع حصوله إما