للواقع، فالتورية كذب (1).
فممنوع عرفا ولغة; فإنه عبارة عن الإخبار بما لا يطابق الواقع، من غير دخالة لظهور الكلام أو فهم المخاطب فيه، ولهذا لو أنشأ بكلام ظاهر في الإخبار بما لا يطابق الواقع، لا يمكن أن يقال: «إن إنشاءه إخبار كاذب».
وأما ما يقال من أنها مشتركة مع الكذب ملاكا وحكما; لأن مفسدته - كالإغراء بالجهل والإيقاع في المفسدة - موجودة فيها (2).
فمدفوع; لعدم كون ملاك الكذب ما ذكر، ولهذا لا شبهة في حرمته ولو لم تترتب عليه مفسدة، والإغراء بالجهل لا دليل على حرمته مطلقا، كالإخبار كذبا بأن قطر الأرض كذا، أو بعدها عن الشمس كذا، فإنه حرام، ولا تترتب عليه مفسدة، ولا دليل على حرمة الإغراء بالجهل في مثله.
فالأولى ما أشرنا إليه من أن عدم التنبيه على التورية; لأجل ندرة إمكان التخلص بها من غير احتمال الوقوع في الضرر المتوعد به في موارد هجمة العشار والظالم (3)، فهل يكون ذلك نكتة للجعل، فيكون الكذب جائزا في موارد الاستثناء مطلقا ولو مع سهولة التخلص بها، أو تكون الأدلة منصرفة عن مثله; لندرته بنحو يلحق بالمعدوم؟
ثم لو فرض جواز الكذب في الصلاح والتقية مطلقا، فلا يصح إسراء الحكم منه إلى الإنشائيات، كالبيع والإجارة وغيرهما، والبناء على عدم نفوذها مع عدم صدق «الإكراه» ضرورة أن إلحاق الإنشاء في عدم النفوذ بالإخبار كذبا