وإن أريد به الملزمية التي هي صفة المكره بالفتح، فهي مباينة للاضطرار مفهوما، وبينهما عموم من وجه موردا، فالاضطرار قد يحصل بواسطة الإكراه، فيكون الشخص ملزما ومكرها وملجأ ومضطرا، كما لو أوعده بأمر خطير حرجي.
وقد يحصل بحسب حوائجه لا من فعل الغير.
وقد يتحقق الإكراه بلا اضطرار، كما لو أوعده بنهب مال معتد به، لا يكون نهبه موجبا للحرج.
فلو قلنا بأن المرفوع في حديث الرفع هو الفعل الصادر عن إلزام الغير، يكون البطلان في المعاملات مستندا إليه، لا إلى الاضطرار الحاصل منه; لتقدمه ذاتا عليه.
والاضطرار الحاصل من حوائجه لا يوجب بطلانها; لانصراف دليل الاضطرار عنه، إذ يلزم منه التضييق والتحريج عليه، مع أن الرفع للتوسعة امتنانا، فبطلان المعاملات لا يستند إلى الاضطرار مطلقا إلا في بعض الموارد النادرة على ما سيأتي (1).
لكن الاضطرار موجب لرفع التكليف، كما أن الإكراه موجب له وإن لم يصل إلى حد الاضطرار والإلجاء، كما هو ظاهر دليل الرفع، وآية (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان) (2) فإن الإكراه - بحسب شأن نزولها على ما في التفاسير والأخبار (3) - كان على سب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قضية عمار بن ياسر.