ولا منافاة بين الطائفتين، والجمع بينهما أن الضمان على المغرور وعلى الغار جميعا، كما في ضمان الأيادي المتعاقبة، ولصاحب المال الرجوع إلى أي منهما، لكن لو رجع إلى المغرور يرجع هو إلى الغار، ويستقر الضمان عليه.
ومنها: رواية إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في شاهدين شهدا على امرأة بأن زوجها طلقها فتزوجت، ثم جاء زوجها فأنكر الطلاق.
قال: «يضربان الحد، ويضمنان الصداق للزوج، ثم تعتد، ثم ترجع إلي زوجها الأول» (1).
وبمناسبة الحكم يعلم ثبوت كونهما كاذبين، وأن شهادتهما زور.
وفي رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الشهادة بالموت: «ويضرب الشاهدان الحد، ويضمنان المهر لها عن الرجل» (2).
ولا منافاة بينهما وبين ما تقدمت; فإن قوله (عليه السلام): «يضمنان الصداق للزوج» إنما هو بعد فرض أداء الزوج الصداق، كما لعله المتعارف في تلك الأزمنة والظاهر من جملة من الروايات.
كما أن الظاهر من رواية أبي بصير أنهما ضمنا المهر، ويجوز للمرأة الرجوع إليهما، وكان الصداق الذي ترجع به إليهما هو من قبل الرجل، فلا يجوز لها بعد الأخذ منهما الرجوع إلى الرجل بالمهر.
فالجمع بين جميع الروايات بما تقدم: من ضمان الغار والمغرور، وجواز الرجوع إليهما، ورجوع المغرور بعد الأداء إلى الغار.
وبما ذكر يظهر أنه لو أبرأ المضمون له المغرور المتلف، ليس له الرجوع