وبعدما كان الغرور بمعنى الخدعة وقد اخذ فيها العلم، يتضح حال الغرور أيضا، مع أن عدم الإحراز والشك كاف في عدم جواز التمسك بقاعدة الغرور في مورد الجهل.
كما أن التفصيل المستفاد من الرواية المتقدمة وغيرها، سار في قاعدة الغرور أيضا، بعد كونهما معنى واحدا.
فإثبات الضمان بقاعدة الغرور في الجاهل بالواقعة، في غاية الإشكال، بل غير ممكن; لأنه متوقف على إثبات كون الغرور غير التدليس والخديعة، وإثبات أعميته من حال العلم والجهل، وهما في معرض المنع.
ثم إن الظاهر من نحو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «المغرور يرجع إلى من غره» (1) وكذا موارد سائر الروايات، أن الحكم بالرجوع ثابت فيما إذا كان الغرور والخديعة دخيلا بنحو من الدخالة في إقدام المغرور، كما لو دعاه إلى ارتكابه، وزينه في نظره وأغراه به، أو أخفى العيب; بحيث لو كان ظاهرا لما أقدم عليه، كموارد روايات التدليس.
وأما لو كان للفاعل داع إلى الإقدام; بحيث لم تؤثر دعوته ولا إغراؤه فيه، وكان ممن يرتكب حتى مع علمه بالواقعة، فهو خارج عن القاعدة.
كما أن الظاهر أن الرجوع إنما هو في الخسارات الواردة عليه لأجل غروره، فلو لم تحصل له خسارة فلا رجوع.
فحينئذ لو كان الرجل عازما على اشتراء الطعام لأكله وأكل عائلته، فقدم إليه طعام الغير أو طعام نفسه فأكله، وكانت قيمته مساوية لما عزم على اشترائه أو أقل منه، لم يقع في خسارة وضرر عرفا.