واستظهر صاحب «الجواهر» (قدس سره) كون «إذا» للشرط، ورجحه على سائر الوجوه; بدعوى: أن «إذا» ظرفية شرطية، وخروجها عنهما نادر جدا، لا يحمل عليه التنزيل، بل يقتضي انقطاع الابتلاء بالبلوغ، وليس كذلك; لاستمراره إلي ظهور الرشد أو اليأس منه.
بل لازمه الحجر على البالغ الرشيد إذا لم يؤنس منه رشد قبل البلوغ، وارتفاعه عمن لم يبلغ إذا اونس منه الرشد; لانتفاء الشرط في الأول، ووجوده في الثاني... (1) إلى آخره.
وفيه: أن الميزان في الاستظهار من الكلام هو العرف العام، ولا شبهة في فهم العرف من الآية أن «حتى» غاية الابتلاء، وقوله تعالى: (فإن آنستم منهم رشدا) متفرع على الابتلاء إلى زمان البلوغ.
وندرة استعمال «إذا» في غير الشرط على فرض تسليمها، لا توجب عدم حمل التنزيل عليه بعد ظهوره فيه، ما لم يخل بالفصاحة.
مع أن جعل «إذا» شرطية، وجملة الشرط والجزاء جزاء، والمجموع غاية ل «حتى» احتمال مخالف لفهم العقلاء، ومحتاج إلى التأول والتأمل، بل وخارج عن الاسلوب السديد الفصيح، ولا يحمل عليه التنزيل، مع أن ورود «حتى» لغير الغاية وابتدائية، نادر أيضا.
والإنصاف: أن الأذهان الخالية عن المناقشات وتحميل الدقائق عليها، لا ينقدح فيها إلا ما ذكرناه واستظهرناه.
وأما اقتضاء انقطاع الابتلاء بالبلوغ، فهو إما لازم الوجه الذي اختاره أيضا، وإما غير لازم لسائر الوجوه; فإن لازم سياق الكلام، والعلة التي من أجلها