عرفا أمر الشارع الأقدس بالابتلاء قبل زمان البلوغ - مما يصح فيه الابتلاء - هي الاجتناب عن ثبوت الولاية ظاهرا لمن خرج عن الحجر بالرشد، أو بالرشد والبلوغ، أو بأحدهما حسب اختلاف الاحتمالات، وللاحتياط في أموال اليتامى بعد خروجهم عن الحجر بحسب الواقع.
ومناسبات الحكم والموضوع عرفا، تقتضي أن لا يكون للغاية مفهوم، وأن يثبت الابتلاء حتى بعد البلوغ ولا ينقطع به.
بل الآية ظاهرا ليست بصدد بيان حدود الابتلاء بحسب الغاية، بل سيقت لنكتة أخرى، هي تقديم الابتلاء على زمان البلوغ; لرد مال الطفل إليه أول زمانه إذا كان رشيدا، وفي مثله لا مفهوم للغاية، بل النكتة الموجودة قبلها موجودة بعدها أيضا، فيفهم منها لزوم الابتلاء مطلقا.
ومع الغض عنه، لا نسلم دلالتها على لزومه بعد البلوغ على الوجه الذي اختاره; لأن الظاهر أن الابتلاء مختص باليتامى.
فقوله تعالى: (إذا بلغوا النكاح...) إلى آخره، لو فرض كونه جملة شرطية على نحو ما رامه، لكن لا شبهة في عدم انقطاعها عن الجملة السابقة; بمعنى أن الظاهر الذي لا ينكر أن قوله تعالى: (فإن آنستم منهم رشدا) مربوط ومتفرع على الابتلاء المذكور قبلها، ويكون الابتلاء لأجل إيناس الرشد، فحينئذ تكون الآية ساكتة عن الابتلاء بعد البلوغ.
فيكون محصل المعنى على فرض الشرطية: «وابتلوا اليتامى، فإذا بلغوا وصار ابتلاؤهم قبل البلوغ موجبا لإيناس الرشد منهم بعده، فادفعوا إليهم أموا لهم» فهي ساكتة عن الاختبار بعد البلوغ، فمع عدم الاختبار قبل البلوغ - عصيانا، أو نسيانا، أو لعذر آخر - لا يجب بعده.
بل لو فرض قطع الجملة السابقة عن اللاحقة، وكان قوله تعالى: