يمنع الشرطية على وجه ينافي الاستدلال بالعمومات في المجهول، وفيه بحث ذكرناه في غير المقام.
والأمر سهل بعد الغنية عن ذلك بما سمعته أولا، ومضافا إلى ظاهر الكتاب كقوله تعالى (1) " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم " ضرورة دلالته بمفهومه على انتفاء الحكم بالدفع المشروط بإيناس الرشد بانتفاء بلوغ النكاح، فهو متناول لأسنان التمييز وحدود الابتلاء التي هي في الغالب من العشر إلى الخمسة عشر، وأحقها بالدخول سن الاحتلام، وتوقع بلوغ النكاح وهي من الثانية عشر إلى السادسة عشر،، إلا أن الاجماع على خروجها، فيتعين كون الخمسة عشر هي البلوغ بحسب السن.
وربما نوقش: بأن " إذا " قد تخر عن الظرفية فلا تكون شرطا، ومنه المقام فإن المراد وابتلوا اليتامى إلى وقت بلوغ النكاح، وحينئذ فلا دلالة فيها على الاشتراط المزبور، ويدفعه: بعد تسلم خروجها عن الظرفية أنه نادر جدا لا يحمل عليه التنزيل بل يقتضي انقطاع الابتلاء بالبلوغ، وليس كذلك كما ستعرف، لاستمراره إلى ظهور الرشد أو اليأس منه، بل ذلك مع ظهور كون المراد إيناس الرشد المسبب عن الابتلاء المأمور به السابق على البلوغ.
ومقتضى ذلك الحجر على البالغ الرشيد إذا لم يونس منه رشد قبل البلوغ، وارتفاعه عمن لم يبلغ إذا أونس منه الرشد، لانتفاء الشرط في الأول ووجوده في الثاني، إذ المراد بالأمر بالابتلاء إلى بلوغ النكاح حصوله قبله، لا استمراره إليه، لأن الابتلاء متى وجد وتبين به الحال لم يتكرر، فالمرة تكفي في هذا الأمر، ولو بنى الكلام في الشرط على خلاف الظاهر، فإما أن يراد به إيناس الرشد مطلقا، أو إيناسه بعد البلوغ، ويلزم على الأول جواز دفع المال إلى غير البالغ إذا ابتلي وأونس منه الرشد، وإهماله بدونه إلى أن يظهر الرشد بنفسه وإن طال الزمان وسهل الاختبار وأما الثاني فمع حصول المطلوب يلزمه جواز الاهمال، كما في الأول.